Wednesday, August 11, 2010

رسالة مفتوحة إلى الدكتور/ محمد البرادعى


استاذى الفاضل

بصفتي واحد من الجماهير العريضة التي تؤيدك وتحمل لك تقديرا وحبا كبيرا، ونعتبرك رمزا وأملا فى تغيير هذا الواقع الكئيب نحو فضاء أرحب من الديمقراطية، وحتى نتخطى مرحلة طالت كثيرا من الدكتاتورية والعدوان على الحريات والاستهانة بكرامة الإنسان المصري.

بداية أود أن أقول إن ظهورك على سطح الأحداث قد أحدث تغييرا مهما فى هذا الواقع وخلق حالة من الحراك السياسى والحماس بين الجماهير التواقة للتغيير، وخاصة الجموع العريضة من الشباب المحبط والرافض لسياسات النظام التى كرست الفساد فى الداخل والتبعية للخارج، وتجلى ذلك فى "إستقبال المطار"، وفى حركة الإلتفاف الجماهيرى الواسع حول شعار "معا سنغير" وردود فعل النظام المتشنجة والتى ظهرت فى الحملة المسعورة لكتاب النظام وبعض ذيوله فى المعارضة الديكورية.

على ان اهم ما ميز غزوة البرادعى هو انحسار مشروع التوريث، فلم يعد هناك مجال للمقارنة بين شخصية فى قامة ووزن الدكتور البرادعى بشخص لا يملك من المواهب والمؤهلات السياسية الا النسب، وتوارى فى الظل مشروع التوريث الى حين.

ولكن مع وصول قطار حملة التغيير الى محطته الأخيرة وتباطؤ حملة التوقيعات والتى يحاول الشباب المتحمس إستمرارها بإسلوب طرق الأبواب، واستنفاذ قضية مقتل الشاب "خالد سعيد" لكافة أغراضها، مع ظهور بعض التفكك والإختلافات داخل قيادات الجمعية خاصة مع بداية الغزل السياسى مع جماعة الإخوان والغياب الطويل والمتكرر لسيادتكم بالخارج، وظهور دعوات راديكالية لا تقدم كثيرا، منها الدعوة للإنتقال الى الخطة "ب" والعصيان المدنى، ودعوة حركة "كفاية" لإعلان البرلمان الموازى، هذه الدعوات التى تظهر قدرا من نفاذ الصبر وتعبيرا عن عدم القدرة الحقيقية، هنا بدأت رموز من الحزب الحاكم فى العودة لإحياء مشروع التوريث من خلال فبركات اعلامية، واستخدام شخصيات كرتونية مهترئه للدعاية للإبن، وكثر فجأة الحديث عن خلافات داخل الحزب الحاكم حول موضوعى التمديد والتوريث، وظهرت محاولات محمومة لتلميع صورة جمال مبارك من خلال لقاءات متكررة مع الشباب والمثقفين، وجمع التوقيعات واستخدام شكل المسيرات والملصقات بواسطة مجموعة قليلة من العناصر المشبوهه والمطرودة من احزابها، حتى لا تحسب عليهم مباشرة، ويمكن التنصل منهم بدون خسائر.

إختصارا فإننى أخشى ان يتبدد الرصيد الذى وضع فيه أنصار التغيير كل مدخراتهم، وأن يتمكن هذا النظام الشرس فى محاولته لضخ دماء جديدة فى شرايينه المريضة ان يقفز بشكل مفاجئ للإمساك بالسلطة مرة اخرى ولفترة لا يعلم مداها الا الله.

الأستاذ الدكتور/ محمد البرادعى

أعرف ويعرف الكثيرون معى انك غير طامح فى السلطة، ونعلم جميعا أنك تعتبر نفسك جنديا فى معركة التغيير والديموقراطية، ولكن بدلا من المثالية المفرطة، والتحليق بعيدا عن هذا الواقع المظلم والذى يقاتل فيه النظام معركته الأخيرة، ولأننا نعرف أيضا ان عنصر الوقت حاسم فى هذه المعركة، فإننى أدعوك مخلصا من باب الحب والوفاء أن تحسم معنا هذا الأمر، لتفسد عليهم خططهم الشيطانية، ولتكن مثل عصا موسى التى تلقف حيلهم وافاعيهم، وأن تعلن عن خطة واضحة للترشح للرئاسة.

إن خطتهم واضحة، لن يهتموا بالتوقيعات التى قاربت المليون، حتى لو كانت خمسة ملايين، ولن يهتموا ببضع مئات او حتى آلاف من الشباب فى وقفاتهم الصامته أو الناطقة، وقد أعلنوها صريحة أن لا تغيير للدستور الآن، لا بأس ان يتغير هذا الدستور بعد تمكنهم من الرئاسة مرة أخرى، ويقولون صباح مساء انهم لا يقفون ضد ترشيحكم للرئاسة عن طريق الدستور فى وضعه الحالى، ونعلم أن حد التوقيعات للترشيح هو فى يدهم ولن يفرطوا فيه ولو على رقابهم، لم يبقى إذن الا الترشيح من خلال احد الأحزاب القائمة المسموح لها بتقديم مرشح للرئاسة.

أعرف سلفا موقفك من الأحزاب الموجودة، وأؤيدك فى هذا الموقف تماما، ولكن للسياسة ضروراتها، أدعوك للإسراع بعقد صفقة مع أقرب هذه الأحزاب الى فكرك، مع الإشتراط بالاستقلال التام عنه، وليكن معلوما لقيادات هذا الحزب وللجميع ان ان انضمامكم هذا ليس الا وسيلة لإمكانية الترشح للرئاسة، نعلم أن الخيارات بين هذه الأحزاب محدودة خاصة بعد اعلان حزب الجبهة مقاطعته للإنتخابات التشريعية بشكل نهائى مما يمكن ان يحرمه من خوض انتخابات الرئاسة لعدم وجود أعضاء له فى المجلس الجديد، وأعتقد ان حزب الوفد بقيادته الجديدة يمكن ان يرحب بهذه الدعوة إذا قبلتها، لأن وجودك فى هيئته العليا سوف يعطيه زخما مضاعفا، المهم ان تلحق لإتمام هذه الخطوة قبل سنة من انتخابات الرئاسة كما حدد ذلك الدستورالقائم.

هذا رجاء خاص، ودعوة للتفكير الإيجابى فى هذه الفكرة، لأنها تصدر من قلم يحبك، ويعتبرك رمزا للخلاص من هذا الوضع البائس والمرير، ان هذه الخطوة لو تمت سوف تخلط كل اوراقم وتكون ضربة قاضية لكل أحلامهم الشريرة فى التوريث والتمديد، نستحلفك بالله لا تضيع مجهودك ومجهودنا ووقتك ووقتنا فلم يعد هناك وقت نضيعه.