Friday, May 14, 2010

ظاهرة الحجاب ... من منظور سسيولوجى


الذى أقصده من هذا العنوان أننى لن أتعرض فى هذا المقال لمشروعية الحجاب من الناحية الدينية, والجدال الدائر بين الأزهريين والدعاة الجدد من ناحية وبعض المجددين من الرافضين لحجاب النساء, بل سأكتفى بتحليل الظاهرة من جوانبها السياسية والإجتماعية والتاريخية, إكتفاءا بتصفح التاريخ الحديث, مع التركيز على خصوص التجربة المصرية , حيث أن مصر فى الغالب القاطرة التى تجر باقى الأقطار العربية خلفها, مثلما بدأت فى مصر الحركة الليبرالية, وحركةوالإخوان, والحركة الشيوعية لتنشأ لها فروعا فى باقى الدول العربية, ولكن هذه قصة أخرى.
لقد إستمرت معظم الشعوب العربية والإسلامية تجبر النساء فى الأغلب على التحجب والمكوث فى البيت, أذكر فى طفولتى أن الآباء فى ريف مصركانوا يرغمون بناتهم على المكوث فى البيت بمجرد أن تظهر عليهم علامات الأنوثة, لا يخرجن إلا إلى بيوت بعولتهن, وكانوا يطلقون علي ذلك "إحتجاب البنات", أذكر أن أختى الكبرى احتجبت فى البيت وهى فى الرابعة الإبتدائية, رغم تفوقها الدراسى وبكاؤها, عموما كان هذا فى الأغلب بين الطبقة المستورة من الفلاحين, بينما الفقراء لم يكن يملكون هذا الترف حيث كانت المرأة تعمل يدا بيد مع الرجل فى الحقل بدون حجاب.
ومع دخول الأتراك, وحكمهم مصر كولاية عثمانية, فرض على نسائها إرتداء البرقع واليشمك,وأنشأت أماكن سكنى مخصصة للنساء (الحرملك), وتنوعت أغطية الرأس والوجه حسب البيئة من الطرحة والشال والبيشة والملاية وغيرها, وإستمر الحال لفترة طويلة على نفس الوتيرة, الى أن جاءت الحملة الفرنسية الى مصر لتلقى حجرا فى الماء الراكد, وتتفتح عيون المصريين على ثقافة أخرى, ويتعلمون التمرد على قاهريهم, ليخلعوا الوالى التركى, ويأتون بمحمد على باشا واليا, فيحدث ثورة حقيقية فى كافة المجالات, ويرسل البعثات إلى فرنسا وغيرها من الدول, ليعود الدارسون بأفكار عصرية جديدة عن الحرية والمساواة, وينشأ رفاعة الطهطاوى مدرسة الألسن, ويطالب بتعليم الفتيات.
وفى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بدأت حركة التنوير تحدث أثرها فى مصر, مطالبة بحرية المرأة, وإخراجها من القمقم الذى وضعت فيه لقرون طويلة, وخرجت أقلام مستنيرة تحاول تحطيم أسوار التخلف, ساعد عليها وقادها الإمام العظيم "محمد عبده", وشارك فيها كتاّب ومفكرون وأصحاب أقلام عديدين منهم"مرقص فهمى المحامى" وكتابه" المرأة فى الشرق"و " قاسم بك أمين" وكتابيه"تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة".
كتاب المرأة في الشرق تأليف مرقص فهمي المحامي ، دعا فيه إلى السفور وإعطاء النساء حريتهن.
كتاب تحرير المرأة تأليف قاسم أمين ، نشره عام 1899م ، بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول ، وأحمد لطفي السيد . ذكر أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام ، وقال إن الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين .
كتاب : المرأة الجديدة تأليف قاسم أمين أيضاً - نشره عام 1900م يتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل على أقواله وادعاءاته بآراء أكثر توسعا.
لقد شهد الربع الأول من القرن العشرين نهضة فكرية عظيمة, قادها مفكرون وسياسيون كبار على رأسهم الإمام محمد عبدة تلميذ جمال الدين الأفغانى الذى ساهم بشكل كبير فى إستنهاض الأفكار الوطنية فى الشرق ومهد للثورة العرابية , وشارك فى هذه النهضة أسماء كبيرة شاركوا بآرائهم وأفعالهم فى صنع التاريخ المصرى الحديث مثل سعد زغلول وطه حسين ولطفى السيد وعلى عبد الرازق وعباس العقاد وسلامة موسى ومصطفى عبد الرازق وأحمد أمين وأمين الخولى وغيرهم كثيرون.
وفى الجانب النسائى لعبت الكثيرات الدور الأكثر إثارة فى قضية أساسها ومحورها المرأة وأشهرهن على الإطلاق "هدى شعراوى" صاحبة المواقف المشهورة فى الحركة الوطنية ومعركة السفور والحجاب, وذلك اشتراك النساء بقيادة هدى شعراوي ( زوجة علي شعراوي ) في ثورة سنة 1919م فقد دخلن غمار الثورة بأنفسهن ، وبدأت حركتهن السياسية بالمظاهرة التي قمن بها في صباح يوم 20 مارس سنة 1919م،والتى بادرت فيها هدى شعراوى بخلع اليشمك فتخلعه الأخريات .
وقد كان للزعيم سعد زغلول الدور الأبرز فى هذه المعركة عندما دعا النساء اللواتي تحضرن خطبته أن يزحن النقاب عن وجوههن . وهو الذي نزع الحجاب عن وجه نور الهدى محمد سلطان التي اشتهرت باسم : هدى شعراوي وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى . واتبعتها النساء فنزعن الحجاب بعد ذلك.
كما لعبت نساء كثيرات أدوارا مهمة فى هذه القضية على رأسهن السيدة "صفية زغلول" زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام, • وسيزا نبراوي ( واسمها الأصلي زينب محمد مراد ) ، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية . وهن أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923, و"درية شفيق" تلميذة لطفى السيد أستاذ الجيل الذى قاد حملة كبيرة على صفحات "الجريدة" لسان حال حزب الأمة المصرى للدفاع عن حرية المرأة, وهى التى أسست حزب "بنت النيل"عام 1949, كذلك لا ننسى أدوار ملك حفنى ناصف ونبوية موسى وسهير القلماوى وعائشة عبد الرحمن" بنت الشاطئ" ونعمات أحمد فؤاد والقائمة طويلة من المناضلات من أجل تحرير المرأة.
وأستمرت حركة تحرير المرأة فى صعود خلال القرن العشرين بالرغم مما واجهها من مشاكل وعقبات , , فظهرت الى الوجود فى سنوات الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) مجلة إسمها "السفور" تخصصت فى الدعوة الى السفور والرد على منتقديه وفى عام 1928 نشرت الكاتبة "نظيرة سيف الدين" كتابها "السفور والحجاب" الذى أثار سجالا طويلا في المجتمع حين ذاك , بين أنصار التقدّم وأعدائه , وأنصار المرأة وأعدائها.
وإستمرت الحركة الوطنية المصرية فى صراعها من أجل الجلاء, مستقطبة فى معركتها جميع القوى والتيارات السياسية من اليسار واليمين, مع دور متميز للقوى الراديكالية فى النضال الوطنى, وتوارت معركة السفور والحجاب فى خلفية المشهد, مع مشاركة فعاّلة للنساء فى الحركة, وخصوصا الأحزاب والمنظمات اليسارية التى أفرزت مجموعة من المناضلات اليساريات أمثال الدكتورة لطيفة الزيات وإنجى أفلاطون ونوال السعداوى وأخريات كثيرات.
وبعد قيام ثورة يوليو فى مصر وصراعها المتفجر مع جميع القوى السياسية المصرية من الإخوان والشيوعيين والأحزاب, وخوضها معركة التحرير والبناء, وبناء التنظيم السياسى الأوحد, وتبنيها لمجانية التعليم فى جميع مراحله, مما أتاح للمرأة مشاركة أكبر فى كافة المجالات العلمية والإجتماعية, ودفعها لتولى أدوارا ووظائف هامة وفعالة بما فى ذلك منصب وزيرة, مع تأكيد لمبدأ المساواة بين الجنسين, والنص عليها فى كثير من الوثائق وأهمها الميثاق.
وبهزيمة 1967 حدثت تحولات عميقة فى الواقع المصرى والعربى وإعتبرها الكثيرون هزيمة للتيار القومى والتجربة الناصرية بكل ما حملته من أفكار وممارسات, مع إنتعاش للدعاية الدينية التى تصور الهزيمة بسبب البعد عن الإيمان وتقوى الله.
وجاء نظام السادات ليوجه ضربة قوية للتجربة الناصرية, مع دعمه الواضح للتيار الإسلامى لمواجهة الحركات اليسارية والناصرية, تزامن ذلك مع إرتدائه لعباءة الدين وتسمية نفسه بالرئيس المؤمن, ودعوته للعودة الى الماضى وما أسماه بأخلاق القرية, وإستخدامه لآيات قرآنية فى خطبه, مع تسبيلة العينين وبروز علامة الصلاة.
ومع إطلاق سراح الإخوان وتمكينهم من الخطابة على المنابر، والسماح لجريدتهم "الدعوة" بالصدور العلنى, إنطلقت صيحات الهجوم على عبد الناصر, والدعوة لحجاب النساء والهجوم على المتبرجات, مع إستقطابهم لقطاع عريض من الجماهير, وإنتشار الكتب والمطبوعات الدينية وكتب التراث,والكتابات الكثيرة عن محنة الإخوان فى السجون الناصرية, والدعوة لعودة المرأة الى المنزل لتنشأة أولادها, وبدأ الحجاب واللحى فى الإنتشار تدريجيا.
وفى الجامعات المصرية بدأت القوى الإسلامية فى تنظيم قواها تدريجيا بداية من نظام الأسر والجوالة والجماعة الدينية لتعيد تنظيم صفوفها بإسم "الجماعة الإسلامية" فى مختلف الجامعات المصرية, وإنتشرت دعوة مشايخ الإخوان لإلقاء خطبهم فى الجامعات, وتمت سيطرتهم على الإتحادات الطلابية, ورفعت دعوات الفصل بين الجنسين والدعوة الى الحجاب, كل ذلك تحت سمع ومباركة عناصر فاعلة فى النظام من أمثال محمد عثمان إسماعيل محافظ أسيوط وعيسى شاهين بالإسكندرية.
وبإنجاز السادات لحرب إكتوبر هزم الشعار الذى ركزت عليه قوى اليسار وخاصة فى صفوف الطلآب وهو شعار الحرب مع إسرائيل وتحرير التراب الوطنى مما أدى الى سحب البساط من تحت أقدام اليسار, بالإضافة الى سلسلة من الأخطاء اليسارية الطفولية ليس هذا مجال مناقشتها.
وبإنسحاب اليسار من الجامعة إكتملت سيطرة الجماعة الإسلامية عليها, وإنقسمت الجماعة الى تياريين, أحدهما معتدل إنضم الى جماعة الإخوان من أمثال العريان والزعفرانى وأبو الفتوح, وتيار متطرف آخر طرح أفكار تكفير السلطة والمجتمع, وإتخذ العنف فى مواجهتها, وما حادث الفنية العسكرية فى 1974 إلا إرهاصة مبكرة لإنخراط هذه الجماعات فى العنف المسلح.
ولم تهتم جماعة الإخوان كثيرا فى بداياتها بقضية الحجاب, ولم تكن تشدد عليه أو تتمسك به, أذكر أنه فى سنوات الشباب الأولى كان يسكن بالقرب منا الشيخ "أحمد حسن الباقورى" أحد القيادات البارزة فى الحركة, لم تكن بناته محجبات, كذلك القيادية البارزة "زينب الغزالى" لم تتحجب الا على كبر, مما يدل أن الحجاب ليس هما إسلاميا, ولكنه أريد له بشكل مخطط أن يكون رمزا دينيا.
وقد إرتبطت مرحلة السبعينيات من القرن الماضى (فترة حكم السادات) بتوترات كثيرة, وأحداث دراماتيكية, فمن القضاء على مجموعة عبد الناصر فى الحكم, فيما عرف بمراكز القوى, إلى أحداث الفتنة الطائفية فى الزاوية الحمراء والخانكة, الى إنتشار المنظمات الجهادية المسلحة وقيامها بمواجهة السلطة وإغتيال رموزها لتنتهى بإغتيال السادات نفسه, وواكب هذه الفترة أيضا حرب اكتوبر, والإنفتاح الإقتصادى, وحل الحراسات, ونمو الرأسمالية الطفيلية, وزيارة القدس, ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية, وأحداث أخرى كثيرة.
كما كان للإرتفاع الكبير لأسعار البترول بعد حرب 73 آثار كبيرة فى نمو ثأثير النموذج الخليجى والفكر الوهابى ثقافيا فى المنطقة, تواكب هذا مع تدفق للعمالة المصرية خاصة غير المدربة الى دول الخليج, لتعود بأفكار صحراوية متزمتة, لتشمل الى جانب الزى, سلوكيات كثيرة منها عدم مصافحة النساء, وإستبدال سبوع المولود بالعقيقة, وإلغاء الإحتفال بأعياد الميلاد, وأشياء أخرى عديدة, منبثقة فى معظمها من الفكر الوهابى.
كان "محمد بن عبد الوهاب" النجدى السلفى (1703- 1787) والمنتسب إلى المذهب الحنبلى وعلى الشيخ إبن تيمية وتلميذه إبن القيم , قد تحالف مع الأمير محمد بن سعود بالدرعية فى المنطقة الشرقية تحت شعار (الدم ..الدم..الهدم ..الهدم), ويعد ابن عبد الوهاب أهم من انتقل بالتجديد الإسلامي ، في العصر الحديث ، من إطار التجديد الفردي والمشروع الفكري إلى إطار " الدعوة " التي اتخذت لها " دولة " تحميها وتقاتل في سبيل نشرها ، الأمر الذي جعل لدعوته من التأثير والاستمرارية ما لم تحظ بهما دعوات تجديدية أخرى ربما كانت أرسخ منها قدماً في فكر التجديد, هذا التحالف بين الدين والسلطة هو ما صبغ الحكم فى السعودية بهذا الإطار المتزمت, والمستمر حتى الآن, من الزى الذى لا يسمح للمرأة الاّ بثقبين للعينين, ولا يسمح بأى نوع من الإختلاط, ويسمح بتسير جماعات سلفية فى الشوارع والأسواق لضبط المخالفين ومعاقبتهم, بإسم ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر).
فى تلك الأثناء كانت الحرب الأفغانية مشتعلة, مشكّلة فرصة ذهبية للإسلاميين للدعاية والتنظيم والتدريب والتمويل, وعقدت هدنة بين التنظيمات المسلحة والحكومات الرجعية التى سهلّت ومولّت الدعاية المكثفة للجهاد والحرب المقدسة فى وسائل الإعلام والمساجد, مستدرة عواطف البسطاء, واعدين الشباب المسلم بالفوز بالجنة والحور العين, فى إطار الحلف الأمريكى الذى وفّر من جهته عناصر المخابرات لتقوم بالتدريب والتسليح وتقديم العون اللوجستى.
وكان لإنتصار الثورة الإيرانية(1979) وعودة الخومينى وإعلان الجمهورية الإسلامية فى إيران, وقعا مدويا فى المنطقة بأكملها, معطيا زخما مضاعفا للتيارات الإسلامية بكل ألوانها وطيوفها, لتصب الزيت على نيران التطرف, ملحقة أضرارا مضاعفة بحرية المرأة وحقها فى إختيار إسلوب حياتها, بعد أن فرضت السطات الجديدة زى "الشادور" على النساء, لتبدو المرأة كخيمة متنقلة, وشددت من قبضة مخابراته "الباسيك" على المجتمع.
وحاولت الجماعات الإسلامية إبّان عنفوانها أن تفرض مفاهيمها للدين على المجتمع, ففى الجامعات كانت تفرض نظام الفصل بين الجنسين فى المدرجات والرحلات, ومنع الإختلاط بالقوة, وتوقف الدراسة فى مواعيد الصلاة, مع التضييق على غير المحجبات, والتدخل فى أنواع الأطعمة بالسكن الجامعي الداخلي, وإغلاق العديد من الكافيتريات بإعتبارها بؤرا للفساد, مع فرض هذه الرؤية حتى على الأساتذة, مع منع النشاط الفنى والترويحى بالقوة, وفتح المجال فقط للدعاة الإسلاميين من داخل الجامعة وخارجها.
وجاء الإنهيار السريع والمدوى للمعسكر الإشتراكى ليعطى مساحة أكبر للتيارات السلفية للتمدد فيها, وللشماتة ليس فى الشيوعيين فقط ولكن فى التيارات اليسارية والليبرالية والعلمانية والقومية, وليضعف من الصوت اليسارى المناصر لحرية المرأة وحقها فى إختيار أسلوب حياتها.
ومع إنتصار المعسكر الرأسمالى وفرض نظام العولمة والقطبية الواحدة, حدثت حالة من الإرتداد الى الداخل للمجتمعات الإسلامية, وحاولت هذه المجتمعات التمسك بجذورها حفاظا على طابعها, وإظهار هويتها الإسلامية ممثلة فى الحجاب, والعودة الى التراث المتزمت للأشاعرة, والدعوة الى عودة المرأة للمنزل .
وكان لأحداث الحادى عشر من سبتمبر وما تلاها من غزو أفغانستان, وما تلا ذلك من تفجيرات مدريد ولندن, وظهور حالة الفوبيا فى المجتمعات الغربية من الإسلام,
والصعود القوي لليمين الفرنسي متمثلاً بجان ماري لوبان ,وكذلك اليمين النمساوي وغيره ,وانتصار المحافظين الجدد في أميركا , والحركات الأصولية الإسلامية ,وكلها تعتمد برنامجاً واحداً ,يقول باستحالة التعايش وحب العنف وطبعاً اضطهاد المرأة. وظهور دعوات متطرفة فى الغرب معادية للإسلام والمسلمين, أثرا ضخما على تخندق المجتمعات الإسلامية على الضفة الأخرى مدافعة عن هويتها وثقافتها بما تجلى واضحا بمزيد من إرتداء المسلمات للحجاب.
وأدى إحتلال العراق, إلى حالة من الفوضى فى المنطقة, وتداعى للمجموعات الإسلامية العنفية ذات التوجه السنى (وعلى رأسها القاعدة) للتوجه الى العراق لمحاربة الأمريكان والشيعة (الرافضة), وتحول الجهاد الى فوضى ومجازر, ليروح ضحيتها عشرات الألوف من المدنيين, ولتفرض الجماعات المسلحة إرتداء الحجاب بالقوة وأحيانا بالقتل.
وكخلفية ثقافية حول ظاهرة انتشار الحجاب فإننى أرى بالإضافة لكل ما سبق أن لهذه الظاهرة سببان, أحدهما دينى- ثقافى والآخر إجتماعى, واوجزهما على النحو التالى:
(أولا) الجانب الدينى:
1- إنتشار الأفكار الدينية وتحولها الى ثقافة للمجتمع, بدلا من كونها فكرا يخص المنتمين الى جماعات بعينها, وتحول هذه الأفكار الى ممارسات داخل النسيج الإجتماعى نفسه.
2- إنتشار المدارس الأزهرية خاصة فى الريف والمناطق الفقيرة, مع نوعية مناهج دراسية أقل ما يقال فيها أنها منغلقة, مع مناهج تعليمية لا تسمح الآ بتخرج أنصاف متعلمين، وكما يقال فى الغرب
Little knowledge is dangerous
وتسهيلها قبول الطلاب بمجموع أقل من المدارس الأميرية.
3- دور الدعاة الدينيين والدعاة الجدد وهيئات الفتوى فى التغليظ من مخالفة الحجاب, وإنتشار الملصقات والكتيبات الدينية من عينة "الحجاب قبل الحساب"، والطريقة الخشنة والفجة من بعض النساء خاصة فى عربات الحريم فى المترو، وحتى على البلاجات فى الصيف.
4- المزايدات السياسية والدينية لحسابات حزبية وشخصية، وعملية التحريض الجماهيرى لإرهاب الخصوم, مثال ذلك إتحاد أعضاء مجلس الشعب من الوطنى والإخوان فى مواجهة "فاروق حسنى" وزير الثقافة لقوله أن الحجاب يعد ردة للخلف , أو تصريح رئيس جامعة الأزهر أن (الفتاة غير المتحجبة خارجة على الدين)، أو المزايدة على الإمام الكبر فى نقده للنقاب.
(ثانيا) الجانب الإجتماعى:
1- الفقر: تلعب الظروف الإجتماعية دورا رئيسيا فى تحديد ملبس المرأة ونوع مكياجها, والفتاة الفقيرة عادة التى لاتملك النقود الكافية لشراء الملابس او الميكياج, تميل غالبا لإرتداء الحجاب, وما صورة الفتاة الفقيرة القادمة من الريف فى السبعينيات لتدرس فى كلية الطب أو إبنة البواب فى الجامعة وهى ترتدى الحجاب ببعيدة.
2- قد يعود الحجاب على البعض ببعض المكاسب الإجتماعية, كإرتفاع فرص الزواج, او التوظف, أو التربح المالى، أو التحيز فى لجان الامتحان الشفهية وخلافه.
3- أحيانا يرغم الأب فى المجتمع الذكورى أبنته أو زوجته على إرتداء الحجاب, إما عن تدين أو رغبة فى الامتلاك, أو لفائدة دنيوية, وأعتقد ان ذلك الرجل الذى يرغم زوجته على إرتداء الحجاب فإن ذلك بمثابة تأميم لها.
4- ممكن ان يعتبره البعض نوع من الوقاية من الفوضى الضاربة فى الشارع المصرى, وإنتشار ظاهرة التحرش بالنساء, ومن الأسف أن ظاهرة التحرش تزداد إنتشارا كلما إنتشرت ظاهرة الحجاب والنقاب, وهذا ما ينفى إدعاء الإسلامويين أن سبب التحرش هو ملابس النساء المثيرة للغرائز, بينما فى عز أيام السفور والمينى جيب والبكينى, كان التحرش بالنساء إستثنائيا فى المجتمع.
وأختم بكلمات للمفكر "محمد عابد الأنصارى" حيث يقول ( إن الحجاب فى حد ذاته خارج النطاق الرمزى لن يؤدى دور الفاعل فى المجتمعات الإسلامية المعاصرة).

.

القضية الفلسطينية.....رؤية تحليلية

خلفية تاريخية :
تمتد جذور الصراع حول فلسطين بين الحركة الصهيونية والتحالف الإستعمارى الغربى من جهة وبين الشعب الفلسطينى والشعوب العربية وأطراف عالمية أخرى من جهة ثانية الى تاريخ أقدم بكثير من المؤتمر الصهيونى الأول فى بازل بسويسرا عام 1897 ولكن يبرز هذا التاريخ كأول تطبيق عملى لخطة تيودور هرتزل فى اتجاه تخليق وطن لليهود فى فلسطين.
وبالرغم من محاولة تنفيذ خطة ممنهجة لتهجير اليهود الى فلسطين باعتبارها " أرض الميعاد "، الا أن نسبة اليهود فى فلسطين لم تتجاوز %8 حتى عام 1920 ، ورغم تحالف الشريف حسين مع الإنجليز ضد دولة الخلافة العثمانية وإعلان ما عرف بالثورة العربية الكبرى عام 1916، مقابل وعدهم بإعطاء العرب الإستقلال بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد ثبت ذلك من خلال كشف ما عرف بمرسلات حسين – مكماهون فى وثائق الخارجية البريطانية بينما كان الإنجليز يعقدون على الجانب الآخر ما عرف بإتفاقية سايكس – بيكو بين انجلترا وفرنسا ومصادقة روسيا القيصرية لتقسيم ما يعرف بالهلال الخصيب( العراق وسوريا والأردن وفلسطين) بالإضافة الى الحجاز، كذلك أصدر " بلفور" وزير خارجية بريطانيا وعده الشهير فى 2 نوفمبر سنة 1917 بالعمل على تأسيس وطن لليهود فى فلسطين، وعندما كشف البلاشفة ااتفاق سايكس بيكو التآمرى حاول تشرشل تلطيف الأجواء مع العرب بإصدار ما عرف باسم" الكتاب الأبيض" فى 1922 بابداء الرغبة فى انشاء دولة فلسطينية يتم تشكيل حكومة لها من العرب واليهود بنسبة تعدادهم، وتحديد حد أقصى لعدد المهاجرين اليهود الى فلسطين سنويا ، وجاء لقاء "فيصل بن الحسين" مع "وايزمان" مدير الوكالة اليهودية فى 3/1/1919 واتفاقهما على الإقرار بوعد بلفور كطعنة فى الظهر لحركة الكفاح الفلسطينى بقيادة المفتى أمين الحسينى والشيخ عز الدين القسام وعبد القادر الحسينى وآخرين.
وبعد ان وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى بدأت المنظمات الصهيونية المسلحة وعلى رأسها "الهاجاناه" بقيهدة بن جوريون فى حرب مذدوجة ضد العرب والوجود الإنجليزى فى فلسطين والذى تكرس باعلان الإنتداب البريطانى على كامل فلسطين ، بينما قام الفلسطينيون بعدة هبات غير منظمة ضد اليهود أشهرها ما عرف بالثورة العربية الكبرى 1936-39 والتى اندلعت اثر مقتل الشيخ عز الدين القسام على يد الشرطة الإنجليزية فى جنين.
واستمر الصراع بدرجات مختلفة من الحدة والهدوء مع اتساع نشاط المنظمات الهينية الأكثر تطرفا مثل الأرجون وشتيرن وتواطؤ القوى الكبرى مع الصهاينة واستمرار الهجرة اليهودية وبناء الكيوبتيزات والتسلح الكثيف لهم، مع طرح حلول استعمارية للنزاع لا ترضى الجانب العربى, مما جعل بعض قياداته مثل المفتى أمين الحسينى الى اللجوء للنازى فى برلين والتحالف معه، مما أدى الى خلط الأوراق واستمرار خسارة الجانب العربى فى الصراع.
واستمر الوضع يراوح مكانه وصولا لعام 1947 وطرح مشروع التقسيم على الأمم المتحدة الناشئة حديثا، وذلك من خلال القرار 181 والذى يقضى بتقسيم فلسطين الى ثلاث كيانات( دولة عربية ودولة يهودية وأن تكون مدينتا القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية ومفتوحتين لأتباع الديانات الثلاث)، واسرعت الوكالة اليهودية بقبول المشروع بينما رفضته القوى الوطنية الفلسطينية والدول العربية على حد سواء، وأعلنت الحكومة البريطانية الإنسحاب خلال ستة اشهر إذا لم يتم الوصول الى اتفاق بين الأطراف المتنازعة، فى الوقت الذى قامت فيه المنظمات الصهيونية بوضع خطة لملأ الفراغ وذلك بإحتلال اى منطقة يتم جلاء الإنجليز عنها وضمها لمناطق النفوذ اليهودية، وذلك مع شن حملات ترويع وإبادة ضد السكان العرب لإرغامهم على ترك قراهم والفرار منها، وأشهر هذه الأمثلة مجزرة دير ياسين فى 9 ابريل 1948 حيث قامت عصابتى ارجون وشتيرن بشن حملة ابادة على سكان هذه القرية ليقتلوا ما يزيد عن 250 قتيلا.
وفى الدقائق الأولى من صباح يوم 15 مايو لعام 1948 أعلن قيام دولة إسرائيل رسميا لتنهال الإعترافات عليها من الجانب الغربى والإتحاد السوفيتى بينما يقوم العرب بالرفض وإعلان الحرب لتدخل 5 جيوش عربية الحرب ضد إسرائيل وهى الجيوش المصرية والسورية واللبنانية والأردنية والعراقية، بالإضافة الى المنظمات الفلسطينية والمتطوعون العرب، وذلك فيما عرف عربيا بحرب النكبة وإسرائيليا بحرب الإستقلاال والتى انتهت بهزيمة العرب وتشتيت أكثر من 700 ألف فلسطينى، وتوقيع الهدنة فى"رودس" بين الدول العربية وإسرائيل فى1949، واعلان انضام الضفة الغربية الى الأردن فى مؤتمر أريحا عام 1949 ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية.
الحروب العربية الإسرائيلية
يمكن إجمال هذه الحروب فى حرب النكبة1948 وحرب السويس أو العدوان الثلاثى 1956 وحرب 1967 أو ما عرف بالنكسة وحرب إكتوبر 1973 والتى أعلن السادات أنها آخر الحروب ضد إسرائيل، يتخلل ذلك بضع مناوشات ومعارك صغيرة مثل "معركة الكرامة" بين المنظمات الفلسطينية والجيش الأردنى من جهة والقوات الإسرائيلية منجهة أخرى فى 21 ابريل 1968 ، وحروب الإستنزاف، والإجتياح الإسرائيلى للبنان فى العام 1982 وغيرها.
ويمكن القول بأن حصيلة هذة المعارك كان تكريس وجود إسرائيل وتوسعها المستمر، وتأكيد تفوقها على العرب، اللهم فى بعض حالات إستثنائية مثل حرب اكتوبر 1973 والتى انتهت الى الوضع الذى ذكره"محمد حسنين هيكل"(حالة الا نصر والا هزيمة)، بينما حققت الحركة الوطنية الفلسطينية وجودا متميزا على الساحتين العربية والفلسطينية خاصة بعد الهزيمة العربية فى 1967.
الحركة الوطنية الفلسطينية
الوضع قبل عام 1948:
كان للفلسطينيين منذ بداية القرن العشرين وقبل ذلك دورا بارزا فى مواجهة الدولة العثمانية وسياسة التتريك فى المنطقة، ونشأت فى القدس والمدن الفلسطينية عدة منظمات وطنية كان من أهم تلك الأحزاب والتنظيمات: الجمعيات الإسلامية المسيحية، الحزب الحر الفلسطيني، الحزب الشيوعي الفلسطيني (عصبة التحرير الوطني)، جماعة الإخوان المسلمين، حزب الزراع الفلسطيني، حزب الائتلاف الوطني، مؤتمر الشباب العربي والحزب العربي الفلسطيني،وكذلك ظهور الكثير من القيادات الوطني الفلسطينية فى إطار الصراع مع الصهيونية والتى سبق أن ألمحنا اليه.
ما بعد نكبة 1948:
عقب النكبة وهزيمة الجيوش العربية، وتمكن اسرائيل من احتلال 78% من الأراضى الفلسطينية، وتشتيت ما يقرب من 750 ألف فلسطينى، تقلصت كثيرا الحركة الوطنية الفلسطينية ووضع الفلسطينيين بين مطرقة اسرائيل وسندان الأنظمة العربية، وترك إدارة الصراع الى الأنظمة العربية بمختلف تلاوينها من ملكية وجمهورية اوتوقراطية، أو حتى أنظمة راديكالية ( النظام الناصرى أو نظام البعث)، مع بعض المحاولات الخجولة لتكوين منظمات فى الشتات، أو للنشاط فى إطار الحزب الشيوعى الفلسطينى فى الداخل، وكان التطوران المهمان هما الإعلان عن قيام حركة فتح فى يناير 1965 وقيام منظمة التحرير الفلسطينية فى إطار القمة العربية 1964.
هزيمة 67 والحركة الفلسطينية:
أدت الهزيمة التى حلت بالجيوش العربية الثلاث( مصر وسوريا والأردن) بشكل مذل، الى صدمة هائلة للشعوب العربية، والى فقدانها لأى مصداقية للشعارات القومية, والغى الثقة فى الأنظمة العربية التى تتبنى هذه الشعارات، وتواكب ذلك مع نهوض حركة فتح وتبنيها لشعار حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، مع تخلى المنظمات ذات التوجه القومى كحركة "القوميين العرب" عن أيديوليجيتها القومية وتبنى رؤية يسارية ذات أفق ماركسى، وكان للإنتصار المحدود فى معركة الكرامة دافعا للتعلة بهذه الحركات كطوق نجاة، ونشأت منظمات متعددة تدعو لحرب العصابات متأثرة بالثورة الفيتنامية،وأفكار جيفارا وماوتسى تونج،وحرب التحرير الجزائرية وغيرها من الأفكار ، مثل الجبهة الشعبية والديموقراطية وعديد من هذه المنظمات التى انضم لها الكثير من الشباب الفلسطينى والعربى، وكان للعمليات الفدائية وخطف الطائرات أفكارا ملهمة للشباب الرافض للهزيمة والذى يتوق الى تجاوزها.
التنظيمات الإسلامية:
تضم الحركة الإسلامية فى الأراضى الفلسطينية عدد من المظمات الإسلامية أهمها تنظيمين هما: حركة الجهاد الإسلامى وحركة المقاومة الإسلامية"حماس".
(أولا) حركة الجهاد الإسلامى:
وقد أسسها "فتحى الشقاقى" وذلك من مجموعة من الشباب الفلسطينى الدارسين فى القاهرة فى نهاية السبعينيات، وقد تم إغتياله بواسطة الموساد الإسرائيلى فى مالطة سنة1995، وعمل بالتدريس فى جامعة الزقازيق فى مصر، ويحمل فكرا يجمع مابين فكر الإخوان المسلمين وأفكار آية الله الخومينى، وللحركة جناح عسكرى هو تنظيم "سرايا القدس" ولها موقف من مقاطعة العملية السياسية بما فيها الإنتخابات، وموقف مضاد لعملية أوسلو، وتدعو الى انهاء الوجود الصهيونى على أرض فلسطين وإقاة الخلافة الإسلامية، وأمينها العام هو "رمضان عبدالله شلح"، كما تعتبر هذه الحركة الأكثر قربا من إيران على الساحة الفلسطينية.
(ثانيا) حركة المقاومة السلامية "حماس":
تعتبر حركة حماس هى الإمتداد الطبيعى لحركة الإخوان المسلمين فى فلسطين، أسسها الشيخ / أحمد ياسين الذى أصيب بالشلل نتيجة حادث تعرض له، ولكنه عمل على نشر أفكاره من خلال عمله بالتدريس فى مدرسة غوث اللاجئين بغزة، أعتقل أكثر من مرة بواسطة النظام الناصرى، أسس حركة حماس فى القطاع مع بدايات الإنتفاضة الأولى فى ديسمبر 1987 ، وتم إغتيال الشيخ بواسطة اسرائيل فى عام 2004.
وترفع حركة حماس شعار تحرير فلسطين من النهر الى البحر،وإقامة دولة إسلامية باعتبار أن كامل الأراضى الفلسطينية وقف إسلامى، وتوافق الحركة على اعلان هدنة طويلة الأجل ومشروطة مع اسرائيل دون الإعتراف بها أو إعطائها اية حقوق، وقد قامت اسرائيل باغتيال عدد من قيادات الحركة على رأسهم الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسى ويحيى عياش واسماعيل ابو شنب وسعيد صيام وصلاح شحادة وآخرين، والجناح العسكرى للحركة هو كتائب عز الدين القسام.
( ثالثا) تنظيم القاعدة وموطإ قدم فى فلسطين:
كان لدخول منظمة حماس الإنتخابات، وتشكيلها للحكومة الأولى فى ظل إتفاقيات أوسلو، وتحالفها مع منظمات وفصائل علمانية، مدخل للقوى الجهادية التكفيرية على الساحة الفلسطينية وخاصة فى قطاع غزة وبالأخص بعد استيلاء حماس عليه، يعد أرضا خصبة لنمو وانتشار الأفكار المتشددة، وتعدد التنظيمات القريبة من افكار القاعدة ومنها منظمة جند الإسلام والتى إشتركت مع كتائب القسام فى خطف الجندى الإسرائيلى شاليط، وغيرها من التنظيمات التى تنمو بشكل سرطانى على أرض غزة مثل كتائب التوحيد وجيش الإسلام وجيش المجاهدين وكتائب سيوف الحق وغيرها الكثير، وما الصراع الذى دار بين قوى الأمن الداخلى التابعة لحماس وما يعرف بجيش أنصار الإسلام فى غزة وسقوط عشرات القتلى من الجانبين الا إرهاصة لما يمكن أن يحدث.
مشكلات الوضع الراهن
1- استمرار الفشل فى مواجهة إسرائيل :
منذ بدء الصراع العربى- الإسرائيلى والعرب ومعهم الفلسطينيون بالطبع يحصدون مزيدا من الفشل والخسائر فى المواجهة مع اسرائيل، فبدلا من أحلام وأمانى زوال إسرائيل فإن وجودها يتعزز، وبدلا من أن تسعى إسرائيل للسلام فإن العرب هم الذين يقدمون لاالمبادرات واسرائيل هى التى ترفض كل المبادرات المطروحة، حتى المبادرة العربية التى تعترف باسرائيل وتنتهى الى تطبيع كامل معها، فإنها تقابل هذا العرض السخى بالايماء أن فى المبادرة نقاط تستحق المناشة ويمكن الحوار حولها.
2- المزيد من التنازلات :
يستمر زيف التنازلات منذ إقامة الدولة العبرية حتى الآن ومسلسل التنازلات من الجانب العربى مستمر، وذلك نتيجة منطقية للضعف العربى من جهة والعم الغربى المكثف لإسرائيل من جهة أخرى، فبعد المطالبة بإزالة إسرائيل، والأغنية التى كانت تتردد يوميا من صوت العرب( قبل 67) "فى البحر حنحدفهم فى البحر"، أصبحت أقصى مطالب الطرف العربى هو الإنسحاب من الى خط 4 يونيو 67 ، ووقف الإستيطان بدلا عن إزالة المستوطنات، والحل العادل لقضية اللاجئين بدلا من حق العودة.
3- موقف الأنظمة العربية:
تلعب الأنظمة الإستبدادية القائمة فى العالم العربى من ملكيات متخلفة وجمهوريات وراثية، دورا أساسيا فى بقاء الوضع على ما هو عليه، ليس لديها مانع من الحملات التضامنية، وجمع المعونات فى التلفزيونات الحكومية، والسماح للخطباء على المنابر للدفاع عن بيت المقدس طالما لا يمس ذلك بقاء الحكام على كراسى الحكم ما شاء لهم، وتويث الكراسى لأبنائهم من بعدهم.
4- التدخل الخارجى:
عانت الحركة الوطنية الفلسصطينية منذ نشأتها من التدخل والتداخل العربى والإقليمى والدولى، مرة تحت دعاوى أنها حركة تحرر وطنى ويحق للقوى القومية واليسارية فرض وصايتها عليها، ومرة أخرى باعتبار قضية فلسطين هى قضية اسلامية بحتة ومن حق الدول والمؤسسات والتنظيمات الإسلامية التدخل فى شئونها، وتحولت القضية الفلسطينية الى ورقة فى أجندة السياسة الخارجية للعديد من القوى والدول والتنظيمات.
5- الإنقسام الداخلى:
كانت الإنقسامات والإشقاقات سمة لصيقة بالحركة الفلسطينية منذ نشأتها فى عشرينيات القرن الماضى، خاصة وأن التنظيمات كانت فى أغلبها تلتف خلف زعيم او شخص مؤسسها، وكان الإتهام بالتخوين والعمالة للطرف الآخر يطلق بلا حساب، ولكن مع بروز الحركات الإسلامية كلاعب أساسى على الساحة منذ الإنتفاضة الأولى، تفاقمت حدة التهامات وأضيف اليها التكفير للآخر، واتسع هذا الإنقسام وتعمق، خاصة منذ استيلاء حماس على السلطة فى غزة، وإحكام سيطرتها عليه، فقد تكرس هذا الإنقسام بشكل نهائى، وكل مادر ويدور فى القاهرة وغيرها من العواصم، فلا أمل من إعاة الإتحاد بين الضفة وغزة، أو إجراء أى نوع من الإنتخابات تشمل الأرض محتلة بقسميها الضفة والقطاع.
6- أزمة المقاومة:
لقد دخلت المقاومة الفلسطينية أزمة خانقة لايوجد فى الأفق حلا لها، فبعد استكمال اسرائيل بناء الجدار العازل، وإنسحابها أحادى الجانب من غزة، وحر بها الشرسة على القطاع، وتصفية أغلب قادة المقاومة الميدانيين، فيبدو أن حماس إستوعبت الدرس ولم يعد أمامها الا الوقف الغير معلن لإطلاق النار بلا شروط كانت قد وضعتها سابقا، منها فتح المعابر، وفك الحصار وإطلاق سراح الأسرى، وبدأت تطبق موقفا صارما ضد لاكل من يحاول اطلاق الصواريخ من القطاع، ولم نعد نسمع فى الأخبار عن صواريخ القسام أو العمليات الإنتحارية، وبينما يقوم دايتون فى الضفة بالإشراف على الهدوء، يقوم اللواء الجعبرى فى القطاع بنفس الدور.
فى المحصلة الأخيرة فإن الحركة الوطنية الفلسطينية دخلت فى نفق مظلم لا يوجد ما يؤشر على قرب الخروج منه، فبين خيارينه أحلاهما مر، إما التفاوض بلا نهاية ولا أمل مع إسرائيل، مع القبول بالتنسيق الأمنى، والإعتراف بها كدولة يهودية أو غير يهودية لا يهم، أو مجرد الحديث عن المقاومة بلا فعل المقاومة، مع الإصرار على ثوابت عدم الإعتراف وعدم التفاوض، وهو ما يمهد الطريق أمام أفكار القاعدة والقوى الظلامية والتكفيرية.

ثلاثة فلسطينين فى مصر


3- فتحى الشقاقى....مؤسس وقائد حركة الجهاد الإسلامى

حفلت السبعينيات من القرن الماضى بحراك سياسى هائل وخاصة على مستوى الحركات الراديكالية والثورية فى مصر والعالم العربى، جاء ذلك تحديدا كرد فعل على الهزيمة الوخيمة التى وقعت فى 1967 وضياع ما تبقى من فلسطين، الى جوار احتلال اسرائيل لأراض عربية كبيرة من دولتين عربيتين كانتا تتصدران تيار العروبة وقتها، مصر وسوريا.

كان وقع الهزيمة على الشباب العربى مريرا، هذا الجيل الذى عاش وهم الإنتصار السريع على إسرائيل، وصوروها له على أنها دولة هشّة، تتكون من مجموعة من العصابات، وأن الحرب لن تكون الاّ نزهة سريعة، وأن الموعد فى "تل أبيب" غدا، كما كانت تصدح الأغانى، وشاهدوا كيف كان الإنتصار الإسرائيلى السريع وهزيمة المشروع القومى مذلة ومدمرة.

لقد أحدثت النكسة (كما سماها عبد الناصر) شرخا عميقا فى وجدان ذلك الجيل، ومنهم بالطبع الفلسطينيون، أصحاب القضية العربية المركزية، والذين ضاعت جميع أحلامهم فى لحظات، لتكتمل نكبة 48 ويفقدوا ما تبقى من أرضهم، وينتهى الحال بهم الى مرحلة جديدة من اللجوء و الضياع والتشرد، ومن عمق هذه المأساة جاءت محاولة البحث عن المخرج، ولم يكن الشقاقى إبن الستة عشر ربيعا المحمل بالافكار الناصرية بعيدا عن ذلك.

نشأته:

ولد فتحى إبراهيم عبد العزيز الشقاقى فى مخيم رفح بقطاع غزة فى عام 1951 ( لم أعثرعلى تاريخ الميلاد بالضبط)، من أسرة نازحة من قرية "الزرنوقة" إحدى قرى قضاء يافا بفلسطين، كان أبوه عاملا بسيطا، ذو خلفية دينية سلفية اهلته لإعتلاء المنبر فى خطب الجمعة، وكان فتحى الإبن البكر لهذا الرجل، ماتت أمه التى تعلق بها كثيرا وهو فى الخامسة عشر من العمر، مما ترك أثرا عميقا عليه طوال حياته، أكمل دراسته للرياضيات بجامعة "بير زيت" بالضفة، وعمل بالتدريس بالقدس لفترة قصيرة، ولكن طموحه دفعه للعودة الى مقاعد الدراسة ليحصل على الثانوية العامة مجددا، وحصل على مجموعكبير، مما أهله للإلتحاق بكلية الطب بجامعة الزقازيق إحدى الجامعات الإقليمية بجمهورية مصر العربية، حيث كانت بالنسبة له فرصة للإحتكاك بتيارات سياسية متعددة أعادت تكوينه ثقافيا وفكريا، ومهدت الطريق لتحقيق هدفه من أجل قضيته التى يحملها بين جنباته.

المناخ:

كان مناخ الهزيمة هو الطابع العام لهذه الحقبة "حقبة السبعينات"، وكانت الفرصة لإنتشار التظيمات السرية والنصف علنية التى تدعو الى التغيير والثورة، وتشبه السبعينات "حقبة الأربعينات" فى مصر، ففى أعقاب الحرب العالمية الثانية وإنتصار الحلفاء، وأثناء وبعد هذه الحرب الكونية، خرجت عشرات التنظيمات الشيوعية والقومية ذات الطابع الشوفينى والدينية لتعلن عن نفسها، وتكررت صدامات الشوارع بين السلطة والشعب، وحدث أكبر الصدامات بين الطلبة والنظام فى حادث كوبرى عباس، وانتهت هذه الحقبة بالحريق الذى التهم القاهرة فى عز الظهر.

كان المناخ فى السبعينيات مشابها، المنظمات الشيوعية التى أعيد بناؤها تسعى للتواجد بقوة فى الجامعات وبين العمال، والجماعات الإسلامية تتقوى بالنظام لتنتشر وبقوة فى الأحياء الشعبية والجامعات، والإخوان المسلمين بعد خروجهم من المعتقلات يعيدون تنظيم صفوفهم وإصدار جريدتهم" الدعوة"، قبل حرب 73 كانت الجامعات تغلى مطالبة بالحرب الشعبية، شعار اليسار المفضل، وانضم لحركتهم المثقفون والنقابات المهنية، وصدرت عشرات البيانات تدين تخاذل النظام، وفى العام التالى للحرب كانت بروفة الإنقلاب العسكرى للتيار السلفى الجهادى فيما عرف بقضية الفنية العسكرية، لتتصاعد الأحداث بإنتفاضة غير مسبوقة فى تاريخ مصر فى يناير 1977.

كانت المنظمات والحركات الفلسطينية بمختلف أطيافها تتواجد بقوة بين طلاب الجامعات الفلسطينيين الدارسين فى مصر، وذلك على إلتحام مع الطلاب المصريين الثائرين، وبرزت أسماء فلسطينية عديدة فى القاهرة منهم "مازن أبو غزالة" بطل وشهيد عملية طوباس الذى رثاه الكثيرمن اصدقائه مثل أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودى وسيد حجاب، وكذلك ايضا "محمد سالم رحال" ودوره فى تنظيم وقيادة التنظيمات السلفية الجهادية، والدكتور "صالح سرية" قائد محاولة الإنقلاب ضد السادات وإقامة الدولة الإسلامية، أيضا قدم الشباب المصرى إسهامات عديدة فى دعم ومساعدة الثورة الفلسطينية ولم يبخل حتى بالشهداء فى صفوفها كالشهيد "صابر خضر" المنتمى لمجموعة يسارية بالأسكندرية.

فى ظل هذه الأجواء حضر الى مصر الشهيد "فتحى الشقاقى" لدراسة الطب بجامعة الزقازيق.

الشقاقى فى مصر:

يقول رفيق دربه ونضاله وخليفته فى قيادة حركة الجهاد الإسلامى" رمضان عبدالله شلّح" "كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق، قبلة للحواريين، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا"، لقد وضع الشقاقى وعددا من إخوانه الفلسطينيين الدارسين فى مصر الأساس لحركة الجهاد الإسلامى والتى تعد حركة المقاومة الأولى التى تبنى على أفكار إسلامية صميمة، وذلك قبل ظهور حركة "حماس" بسنوات من خلال ورشة عمل كبرى أقامها فى سكنه سماها" معسكر الإعداد".

عندما جاء الشقاقى الى مصر لدراسة الطب فى جامعة الزقازيق عام 1974 كان عمره وقتها ثلاث وعشرون عاما، كان قد تخلص نهائيا من الأفكار الناصرية ونبتت فى عقله أفكار جديدة خليط من الفكر الدينى المستنير والفكر القومى وبعض الأفكار اليسارية.

فترة وصول الرجل الى مصر كانت الحركات اليسارية قد بدأت فى الإنحسار، خاصة بعد حرب إكتوبر التى أبطلت حجة القائلين أن النظام لن يحارب، ولكنه حارب وحقق إنتصارا نسبيا مهما، وكانت هذه أحد أخطاء اليسار القاتلة وهو تركيزه على هذا الشعار والمراهنة عليه، فى نفس الوقت كانت التيارات الدينية فى أوّج صعودها بعد الحرب، لأسباب عدة منها هذا الإنتصار الجزئى قد أنجز تحت راية "الله اكبر"، وبدء موسم الهجرة الى الخليج والعودة بأفكار وهابية سلفية، وأسباب أخرى .

لقد لعبت الصدفة دورا فى تشكيل أفكار الشقاقى على هذا النحو، ربما لو كان حضوره الى مصر قبل ذلك بعامين أو ثلاث عندما كان اليسار مسيطرا على الشارع السياسى كان الأمر قد إختلف، وربما لو كانت إقامته فى مدينة كبرى كالقاهرة أو الأسكندرية تمور بتيارات اليسار بدلا من المدن الريفية حيث يعشش الفكر السلفى لكان قد إختار توجها آخر، ولكنها تبقى مجرد إحتمالات، ولكن مما لا شك فيه أن الرجل إقترب بأفكاره من ضفاف إنسانية أكثر رحابة من الفكر السلفى، لقد قرأ نجيب محفوظ ويوسف إدريس كولين ولسون وهمينجواى، وحفظ أشعارا لمحمود درويش وسميح القاسم ونزار قبانى، وغنى مع الشيخ إمام أشعار نجم، بل أنه كتب شعرا على نفس شاكلة نزار ودرويش مع الفارق طبعا فى الحرفية حيث يقول فى قصيدته حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في يوليو 1979م:
كانوا خمسة…
في يد كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
كانوا يا أصحابي خمسة..
وقفوا في صف مكسور..
في أعينهم نامت مدن وبحور..
بهذا الصف المكسور..
خذ حذرك..
مولانا هلت طلعته..
يا صاحبي حضر المأمور..
مولانا كفا في كف ضرب..
في العين لهب..
في الصدر غضب..
مولانا كالعادة صاح:
عرب.. فوضى عرب..
كانوا خمسة..
في يمنى كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
تركوا (الدرق) الأخضر
قالوا: يوماً يومين ولا اكثر
يا عمال بلادي..
هرمت غابات الزعتر..
وانسكب الزيت وغصن الزيتون تكسر..
يا قلب الأرض تحجر
لا تزهر أبداً لا تزهر..
إلا غضباً.. إلا بركاناً يتفجر..

وكان يفرح كثيرا بغناء إبنته "خولة" التى يطلب منها ترديده أمام أصدقائه (إني أحب الورد، لكني أحب القمح أكثر…".)

ولكن إعجاب الشقاقى كان أكثر بكتابات "سيد قطب" خاصة كتابه العمدة (معالم فى الطريق) وكتابات أخرى من وراء الخليج للإمام "الخومينى"، لقد انبهر كثيرا بما كتبه قطب فى المعالم، هذا الكتاب الذى درسه بدقة وتأنى، وكتب تعليقات طويلة عليه أنهاها بتذييل ( معذرة.. استاذنا الإمام الشهيد.. معذرة إني وضعت كتابك فوق طاولة البحث والتحليل.. معذرة إن كنت أصبت.. والف معذرة إن كنت أخطأت)، واصفا الكتاب (الكتاب الذي قتل مؤلفه وهو نفس الكتاب الذي احيى جيلا تربى عليه) .
وكما تأثر الشقاقى بأفكار "سيد قطب" تأثر أيضا وبشكل بالغ بفكر الإمام الخومينى وخاصة بكتابه (الحكومة الإسلامية)، وألف كتابا مهما عن الثورة الإيرانية أسماه "الخومينى..الحل الإسلامى والبديل"، وكون علاقات صداقة قوية مع عدد من مفكرى وقادة الثورة فى إيران، وكان نشر هذا الكتاب فى مصر سببا فى القبض عليه عام 1979 ، وعاودت السلطات المصرية إعتقاله بتاريخ 2/7/1979 ولمدة أربعة شهور على أثر نشاطاته الاسلامية والسياسية ، وتمكن الشقاقي من مغادرة مصر سرا ً نتيجة ملاحقة رجال الأمن بتاريخ 1/11/1981 عائدا ً إلى قطاع غزة، وذلك بعد مقتل السادات واتهامه من قبل الدوائر الأمنية بأنه طرف فيه وعلى علاقة مع الجماعات الاسلامية في مصر.

فى القطاع إستطاع عاود نشاطه سرا حتى تمكنت السلطات الإسرائيلية من القبض عليه عام 1983 لمدة 11 شهرا، وأعيد إعتقاله عام 1986 ليحكم عليه بالسجن بتهمة التحريض ضد الاحتلال الصهيوني، و نقل الأسلحة إلى القطاع و الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، و قبيل انقضاء فترة سجنه أصدرت السلطات الصهيونية قرارا بإبعاده مباشرة من سجن نفحة إلى الحدود اللبنانية بتاريخ 1-9-1988م بسبب مشاركته في قيادة الانتفاضة الأولى من داخل السجن.
حركيته:

كان للشقاقى قدرات تنظيمية فائقة، فقد إستطاع وهو فى لبنان توحيد ثلاث تنظيمات هى سرايا الجهاد والتي تشكلت في جنوب لبنان عام 1986 ، من الحركة الإسلامية ، وكان يتزعمها إبراهيم غنيم وحامد أبو ناصر ومحمود حسن وكمال قزاز . والاتجاه الإسلامي داخل حركة فتح ، وكان يتزعمه منير شفيق ومحمد بحيص وحمدي سلطان . وحركة الجهاد ـ بيت المقدس ، وكان يتزعمها أسعد بيوض التميمي . وقد أسفرت الاتصالات عن تشكيل إطار عسكري يحمل اسم " حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" .

لقد حجز الشقاقى لحركة الجهاد موقعا متقدما على ساحة العمل الجهادى فى فلسطين، فما تزال من حيث قوتها تمثل القوة التنظيمية والقتالية الثالثة بعد فتح وحماس، ورقما صعبا من العسير تجاوزه فى أى تسوية محتملة.

ومما يؤخذه البعض على الشقاقى إعجابه المبالغ فيه بالنموذج الإيرانى، وخاصة بالإمام الخومينى، ويبرز هنا سؤال موجه للجميع، من منا لم يعجب بهذا النموذج فى حينه، من لم ينفعل مع تصاعد الثورة ضد الشاه، تلك الثورة التى صاغ أهدافها هذا الرجل السبعينى متحالفا مع طيف واسع من قوى اليسار واليمين، لتنطلق بقوة الجماهير الفقيرة العزلاء فى شوارع طهران فى مواجهة السافاك الإمبراطورى، حيث أكبر قوة عسكرية إقليمية، من لم يبكى أمام مشهد هبوط طائرة الخومينى وفرار الشاة مذعورا، نعم كلنا ذلك الرجل، ولكن الإعجاب والإنجذاب كان يجب أن يخضع لتحليل دقيق ومتعمق لما تلا ذلك من انقلاب على الحلفاء، ونكوص عن نضال الجماهير، ومغامرات خارجية مشبوهة، ولكن إغتيال الشقاقى مبكرا ربما، لم يعطه الفرصة الكافية لمراجعة هذه الأفكار.

إغتياله:

كان الرئيس الإسرائيلى "إسحق رابين"قد أقر خطة إغتيال الشقاقى بعد عملية "بيت ليد" التى تبنتها حركة الجهاد الإسلامى وأسفرت عن مصرع عدد من الجنود الإسرائيليين، وتم اغتياله فى مالطا يوم الخميس 26/10/1995، وذلك فى طريق عودته الى دمشق من ليبيا ولقاءه بالعقيد القذافى، لقد ذهب الى ليبيا يحمل جواز سفر ليبى بإسم مستعار هو "ابراهيم الشاويش"، وكان فى صحبته اثنين من قادة الفصائل الفلسطينية فى دمشق هما "ابو موسى" و"طلال ناجى" فى محاولة لإثناء القذافى عن طرد آلاف الفلسطينيين العالقين على الحدود المصرية فى اوضاع مأساوية، بزعم ان عليهم العودة الى بلدهم والنضال ضد المحتل من هناك، وحمّلت حركة الجهاد الموساد الإسرائيلى المسئوليته عن العملية، بينما أشار بعض زملائه بإصبع الإتهام الى ضلوع النظام الليبى فى العملية، وقيل أن ذلك تم بعد رفض الشقاقى إصدار بيان طلبه الليبيون ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، خصوصا أن للقذافى سابقة حول إختفاء "الإمام موسى الصدر"، ولكن هذه المعلومة لم يتم التأكد منها، والأرجح أن إسرائيل هى من قام بهذه العملية الإجرامية.

ويعد "فتحي الشقاقي" أحد رموز التيارالدينى المستنير داخل الساحة الفلسطينية لما يتمتع به من ثقافة موسوعية، واستيعاب عقلاني لمشكلات الواقع الفلسطينى. كما يعتبر من مجددى الحركة الاسلامية وباعثها في اتجاه الاهتمام بالعمل الوطني الفلسطيني، وإعادة تواصلها مع القضية الفلسطينية عبر الجهاد المسلح، فدخلت بذلك طرفاً رئيسياً ضمن قوى الاجماع الوطني الفلسطيني بعد طول غياب.

ثلاثة فلسطينين فى مصر


2- صالح سرية: قائد محاولة الإنقلاب على السادات

هو صالح عبدالله سرية الفلسطينى الأردنى الجنسية، ولد فى حيفا بفلسطين فى وأكمل دراسته الإبتدائية بها وشهد وهو طفلا نكبة 1948 وهجرة الأسرة الأولى الى العراق، وأكمل دراسته الثانوية بها، وانتمى هناك لجماعة الإخوان المسلمين قبل إلتحاقه بكلية الشريعة جامعة بغداد، وكان من العناصر النشطة فى الجماعة، ثم أسس ما يعرف ب"جبهة التحرير الفلسطينية" قبل قيام ثورة 1958 على النظام الهاشمى بقيادة عبد الكريم قاسم، وبعد حدوث خلاف بين قاسم والإخوان عاد الى العمل السرى وقام بعدة عمليات ضد اليهود العراقيين حتى قبض عليه بواسطة النظام العراقى فى عام 1965 ابان ضرب حركة سيد قطب فى مصر، وبعد الإفراج عنه حصل على ماجستير فى الشريعة، ولم يعرف له نشاط سياسى حتى حدوث هزيمة 1967 ، بعدها عاد صالح سرية الى نشاطه الفدائى وانضم لحركة فتح وانتخب عضوا بالمجلس الوطنى الفلسطينى وشارك فى اجتماع المجلس عام 1968 فى القاهرة.

اتهم صالح سرية بالمشاركة فى محاولة انقلاب على حكومة "أحمد حسن البكر" فهرب الى سوريا، وهناك تقدم الى السفارة المصرية فى دمشق بطلب اللجوء السياسى الى مصر ولكن طلبه رفض، بعدها انتقل للاقامة فى الأردن، وارتبط بحزب التحرير الفلسطينى ذو الأفكارالسلفية المتطرفة الذى أسسه الفلسطينى "تقى الدين النبهانى" عام 1950، وهو خال صالح سرية ، ثم جاء الى مصر عام 1970 والتحق بكلية التربية جامعة عين شمس لدراسة الدكتوراه، وبعد حصوله عليها عمل بمنظمة "الأونيسكو" (منظمة التربية والثقافة والعلوم) التابعة لجامعة الدول العربية.

لم يضيّع صالح سرية حال وصوله الى القاهرة أى وقت, فاتجه مباشرة الى منزل السيدة زينب الغزالى، والتى كان قد تعرف عليها فى زيارة سابقة الى القاهرة عن طريق طليقها الشيخ "حافظ التيجانى" ونزل ضيفا عليها هو وأسرته المكونة من زوجته وتسعة من الأبناء، ولعبت السيدة زينب الغزالى دورا أساسيا فى تقديمه الى المرشد العام المستشار "حسن الهضيبى" وتعريفه بمجموعات الشباب الجديد ومنهم "طلال الأنصارى" و"اسماعيل طنطاوى"و"يحيى هاشم" .

سرعان ما أدرك صالح سرية أن الاخوان المسلمين فى مصر غير راغبين أو قادرين على المواجهه مع النظام، وذلك بعد لقائه ببعض قادتهم وعلى رأسهم المرشد العام، ومع كثير من القيادات أمثال الشيخين محمد الغزالى والسيد سابق.

ويمكن التماس العذر لهؤلاء القادة الذين كان يهمهم فى الأساس الأول بقاء الدعوة واستمرارها، وحماية أعضائها، وهم ليسوا بعيدين من محنة قاسية ألمت بهم فى العام 1965، وما زالوا يرممون نتائجها، ويضمدون جراحها.

كما وجد قادة المجموعات الشبابية مشتتي الحركة، ومشوشى الرؤية، فمنهم من كان اتجاهه سلفيا مثل "اسماعيل طنطاوى" ومنهم من يرفض فكرة الانقلاب العسكرى ويدعو الى حرب عصابات طويلة الأجل مثل "يحيى هاشم"" (وهو وكيل نيابة بدأ نشاطه السياسي عام 1968 بقيادة مظاهرة من مسجد الحسين بالقاهرة بسبب هزيمة يونيو 1967 ، وقد شكل يحي هاشم تنظيما بلغ أفراده حوالي ثلاثمائة فردا معظمهم من الإسكندرية، وحاول بعد فشل عملية الفنية العسكرية و القبض على أعضائها القيام بعملية مغامرة لتهريبهم، ولكن خطته انكشفت فهرب الى الصعيد وتمت تصفيته هناك بواسطة قوات الأمن).

توجه سرّية مباشرة الى الشباب المتدين المتحمس ليكون منهم تنظيمه، وقد كان له تأثير قوى على كل من يلتقى به، يقول عنه" أيمن الظواهرى" فى كتابه"فرسان تحت راية النبى":

ان صالح سرية كان محدثاً جذاباً ومثقفاً على درجة عالية من الاطلاع والمعرفة، وكان حاصلاً على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعاً في عدد من العلوم الشرعية، وانه التقاه مرة واحدة أثناء احد المعسكرات الاسلامية في كلية الطب حين دعاه أحد المشاركين في المعسكر الى القاء كلمة في الشباب. و«بمجرد استماعي لكلمة هذا الزائر أدركت ان لكلامه وقعاً آخر، وانه يحمل معاني اوسع في وجوب نصرة الاسلام، وقررت ان أسعى للقاء هذا الزائر، ولكن كل محاولاتي للقائه لم تفلح».
كما يقول عنه" طلال الأنصارى" فى كتابه"صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الاسلامية المعاصرة":

((كان صالح سرية شخصية كاريزمية، لا يملك من يقابله فكاكا من أن ينبهر به..خلقه..شخصيته..علمه..قدرته الفائقة على الاقناع بأبسط الطرق وأيسرها، وقدرته على صياغة أعقد القضايا وعرضها فى كلمات بسيطة وموجزة))

نجح سرّية فى تكوين تنظيم واسع ومتنوع جغرافيا من مجموعة متحمسة من الشباب، قسمهم الى مجموعات صغيرة على رأس مجموعة الإسكندرية"كامل عبد القادر(طب) وطلال الأنصاري(هندسة)، ومجموعة "بور سعيد"بقيادة أحمد صالح، ومجموعة" القاهرة والجيزة" وعلى رأسها حسن الهلاوى ومصطفى يسرى، ومجموعة" قنا" بقيادة محمد شاكر الشريف، وأبقى مجموعة "الفنية العسكرية" بقيادة كارم الأناضولي وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.

وأمام ضغط الشباب المتحمس المتكرر والمستمر على سرعة للتحرك، إضطر للتسرع بوضع الخطة الأولى لمحاولة اغتيال الرئيس السادات وكبار قياداته بالمطار عند عودته من زيارة خارجية ليوغوسلافيا، وكلف مجموعة القاهرة والجيزة بقيادة "حسن الهلاوى" برسم خريطة تفصيلية للمطار، ولكن لعدم قيام المجموعة بما كلفت به تم إلغاء الخطة.

بعدها تم تكليفه مجموعة الإسكندرية بإعداد رسم كروكى عن مكانين محتملين للهجوم الأول مجلس الشعب والثانى مبنى الاتحاد الاشتراكى على "كورنيش النيل"، وحضرت مجموعة من ستة أفراد من الأسكندرية منهم محمد على خليفة وهانى الفرانونى وأنجزوا المطلوب.

تم وضع الخطة البديلة بواسطة سرّية وكارم الأناضولي، وتعتمد على الاستيلاء على الكلية الفنية العسكرية بمهاجمة حرس بوابة الكلية في صمت لادخال عدد كبير من الشباب الى الكلية، ثم بعد ذلك الاستيلاء على الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة اخوانهم الطلبة داخل الكلية مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين أثناء الليل، يتم التوجه بما حصلوا عليه الى مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه أثناء عقد اجتماعهم.

وكبروفة للأحداث طلب سرّية من مجموعة الأسكندرية الحضور الى القاهرة، والتوجه إلى موقع العملية قبل بدء التحرك بيوم واحد وبعد حضورهم طلب منهم العودة والحضور في اليوم التالي.

وأعد صالح سرية بيان الانقلاب بخط يده، واعترف بذلك أثناء محاكمته وأعاد كتابته من الذاكرة أثناء المحاكمة بطلب من القاضى على الشكل التالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتزل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير

أيها الشعب الحبيب – أيتها الأمة المجاهدة الصابرة لقد نجحنا والحمد لله صباح اليوم في السيطرة على الحكم واعتقال جميع المسئولين عن النظام السابق وبدأ عهد جديد . ونحن لمن قليل الوعود لكم لكننا نعلم أن النظام الجديد سيقوم على المبادئ التالية :

1- ستقوم مبادئ الدولة على أسس جديدة لا لبس فيها ولا تناقض .

2- سوف لا تكون الثورة مقتصرة على الجوانب السياسية وإنما ستشمل جميع نواحي الحياة الاقتصادية والثقافية والتعليمية والوظيفية والاجتماعية وغيرها .

3-سوف تهتم الدولة اهتماماً حقيقياً بالإيمان والأخلاق والفضيلة .

4- سوف تعتزم الدولة في كل سياستها مصلحة الأمة أولاً ثم الاتفاقات .

5- ستعمل الدولة جاهدة على تحرير كل الأجزاء السليبة من وطننا وعلى مساعدة المحرومين والمظلومين في كل مكان وسنقاوم الاستعمار بجميع أشكاله في العالم .

6-ستعمل الدولة جاهدة لقيام الوحدة بكل الطرق دون الاكتفاء بالادعاءات اللفظية .

7- ستقوم الدولة بكل جهدها برفع التنمية من أجل رفع مستوى السكان .

8- سوف نطبق الحرية للمجتمع ليقول كل ما يريد ونعد كل أجهزة الدولة بعيداً عن الكذب والافتراء والبهتان.

9- سنعيد تقييم كل المبادئ والأشخاص والوظائف على أسس جديدة.

10- سوف تحيي الدولة مبادئ العدل المشهورة في تراثنا .

والله الموفق

رئيس الجمهورية

د/صالح سريه

25ربيع الأول 1394ه

18 ابريل 1974

ومع بداية التحرك تسلل اثنين من التنظيم, أحدهما توجه إلى وزارة الداخلية والثاني إلى رئاسة الجمهورية، وقاما بالإبلاغ عن الخطة، وبعد مرور وقت طويل من الأجهزة من عدم التصديق والتحقيق معهم، توجهت قوة صغيرة من الأمن المركزي إلى كلية الفنية العسكرية، ليتم إجهاض الهجوم في بدايته، ويتم القبض على قياداته، وعلى رأسهم صالح سرية وكارم الأناضولى وطلال الأنصارى الذين حكم على ثلاثتهم بالإعدام، الا أن طلال الانصارى خففت عليه العقوبة الى المؤبد نتيجة محاولات الإستعطاف التى قام بها والده الشاعر عبد المنعم الإنصارى، بينما رفض كل من صالح سرية وكارم الأناضولى تقديم اى التماسات للعفو عنهم، وفي الزيارة الأخيرة قبل الاعدام جاءت زوجة صالح سرية ومعها أولادها التسعة لزيارته في السجن، فقال لها: اذا تقدمت بطلب للعفو فأنت طالق.

لقد استمر التحقيق مع الرجل لأيام عديدة بينما كان فى الحبس الإنفرادى، وقد كانت هذه التحقيقات تتم فى مبنى وزارة الداخلية أو فى جهاز مباحث أمن الدولة وأيضا فى مكان احتجازه بالسجن، ومما ذكر بعد إعدامه أن أحد الشباب المتهمين فى قضية سياسية وجد على جدار الزنزان رقم 40 بسجن القلعة والتى كان الدكتور صالح سرية مسجونا بها بضع ابيات من الشعر مكتوبة على الجدار فنقلها وهربها سرا وهى:

أقري العدا من لحمهم أشـــــلاء ****** وأذيقهم كأس الردى لا مــــاء

وأطبهم بالقتل أو أحييــــــــــــهم ****** بالأسر لا موتى ولا أحيـــــاء

بمجرب في الحرب يكره غمـــده ****** ماض كسيف المسلمين مضاء

ومهاجر في الله ودع أهلـــــــــه ****** لم يلتفت يوم الفـــــــراق وراء

ألقى ثقال الأرض عن أكتافـــــه ****** ورمى الهوى لما أراد سمــاء

ومضى كأن الأرض لم يولد بها ****** ولم يعرف بها رفقــــــــــــــــاء

الله أكبر يوم يزحف جيشــــــــنا ****** صوب المدينة يقطع البيــــداء

اليوم يوم السيف إن تضرب به ****** أثخن وإن تنذر فلا إرجــــــــاء

راياتنا سود كراية أحمــــــــــــد ****** لكنها عادت إذن حمـــــــــــراء
( وكان قد رسم بعدها رايتان ،سوداء وحمراء كتب بينهما " صالح سرية " ).

ملحوظة: تم نقل هذه الأبيات كما هى، وربما الأخطاء فى النحو أو التفعيلة بسبب النقل.

أفكاره:

لقد كانت أفكار "حزب التحرير" هى الرافد الرئيسى لأيدلوجية الرجل، هذه الأفكار التى تعتمد فى الأساس على تكفير النظم الحاكمة، والدعوة للإنقلاب عليها، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية، تلك الأفكار التى طورها صالح سرية فى مجموعة من الكتابات أهمها "رسالة الإيمان" التى أعاد طباعتها عدة مرات اتحاد طلاب مصر فى نهاية السبعينيات.

ومن أهم الأفكار الواردة فى هذه الوثيقة:
- الجهاد هو الطريق لإقامة الدول الإسلامية
- لا يجوز موالاة الكفار والأنظمة الكافرة ومن فعل ذلك فهو كافر. من مات دفاعاً عن حكومة كافرة ضد من قاموا لإقامة الدولة الإسلامية فهو كافر إلا إذا كان مكرهاً فإنه يبعث على نيته. من اشترك في حزب عقائدي غير إسلامي فهو كافر، كذلك من اشترك في جمعية عالمية كالماسونية أو اعتنق فلسفة مخالفة كالوجودية أو البرجماتية.
- الحكم بتكفير الحكام وجاهلية المجتمع واعتباره دار حرب.
- جواز العمل الحزبي الإسلامي والمساهمة من خلاله في الانتخابات ودخول البرلمان والمشاركة في الوزارات إذا كان صريحاً بأنه يسعى عن هذا الطريق للوصول إلى السلطة وتحويل الدولة إلى دولة إسلامية.
- يجوز للمسلم أن يدخل في مختلف اختصاصات الدولة بأمر من الجماعة الإسلامية ويستغل منصبه لمساعدة الجماعة للحصول على السلطة أو التخفيف عنها في حالة المحنة أو إفادتها بأي طريق ولا مانع أن يصبح وزيراً حتى مع حكم طاغية إذا كان بهذه النية.
- كل من ينفذ أوامر الدولة الكافرة ضد الإسلام والحركة الإنسانية فهو كافر.
- في حالة وجود مرشح إسلامي وأمامه مرشح اشتراكي أو قومي أو شيوعي وانتخب الفرد غير الإسلامي فإنه يكون كافراً بهذا الموقف.
- الذين يحاربون دعاة الإسلام لأنهم يمزجون الدين بالسياسة كفار لأنهم قصروا الإسلام على جانب وكفروا بالجوانب الأخرى.
- المعارضون لأحكام الإسلام الذين يتهمون الدين بالتخلف والرجعية كفار، كذلك الذين يعترضون على حكم من أحكام الله ولا يرضون عنها مثل الذين يعترضون على الإسلام ويتهمونه بالتخلف فإن هؤلاء غير راضين عن الإسلام أصلاً.
- التفريق بين الامتناع الجماعي والامتناع الفردي بمعنى أن الترك الجماعي لأي ركن من أركان الإسلام كفر.
- كل القوانين المخالفة للإسلام في الدولة هي قوانين كفر وكل من أعدها أو ساهم في إعدادها أو جعلها تشريعات ملزمة فهو كافر كذلك من طبقها دون اعتراض عليها أو إنكار لها.
- تحية العلم والجندي المجهول والسلام الجمهوري من طقوس الجاهلية وهي صورة من صور الشرك.

لقد كان صالح سرية من أول من أسس للجماعات السلفية الجهادية فى مصر، ومن رحم تنظيمه هذا ولدت جميع التنظيمات وحركات العنف الإسلامى السياسى، ويكفى أن نذكر أن "محمد عبد السلام فرج" صاحب الفريضة الغائبة كان عضوا مهما فى تنظيمه، بينما أصبحت أفكاره هاديا ومرشدا وجزءا مهما من أدبيات التثقيف فى جميع هذه التنظيمات الجهادية.