Friday, July 30, 2010

حركات الشباب الاحتجاجية فى مصر


هذا المقال هو رد مختصر على ما أثاره الزميل "حسن خليل" فى موقع "الموقف اليسارى" تحت عنوان (حركة بلا رأس)، وذلك على الرابط التالى:

http://egyptleft.blogspot.com/2010/07/blog-post.html

وليسمح لى الزميل العزيز أن أناقشة فى بعض ما جاء بالمقال.

أبدأ معه بنقاط الإتفاق وأولها قضية البناء التنظيمى لهذه الحركات (والنموذج الذى إخترته حتى يكون مجالا تطبيقيا للحديث حوله هى "حركة 6 ابريل"، حيث أن هذه الحركة هى من أكبر وأنشط الحركات الإحتجاجية على الساحة)، وأتفق معه حول هلامية الشكل التنظيمى لهذه الحركة والذى يعتمد على وجود رأس الحركة ممثلا فى المنسق العام ، يليه اللجنة التنسيقية العليا، ثم منسقى المجموعات الجغرافية، مع عدم وجود أشكال قاعدية واضحة (لجان أو خلايا)، بل تجمعات متناثرة ، كما تعتمد الحركة نظام اللامركزية فى عملها وقراراتها، وتعتمد شروطا للعضوية هى مجموعة من الصفات الأخلاقية، وإن كان يجب أن لايغيب عنا عنصرين هامين:

الأول: إن الشكل الذى نحن بصدده كما يسمى نفسه "حركة"، أى لا يخضع للقوانين الصارمة للأشكال الحزبية.

الثانى: انه لا يجب أن نحاكم الشكل التنظيمى للحركة بمعايير الأحزاب الشيوعية المؤسسة على منهج تنظيمى لينينى.

وإذا أدركنا أن التكوين العمرى للأغلبية العظمى فى هذه الحركة ومثيلاتها هو ما بين سن 18 الى 30 سنة تقريبا، لأدركنا غضاضة هولاء الشباب ونقص خبراتهم السياسية، وخاصة فى ظل غياب برامج تثقيفية منتظمة أو أدبيات نظرية يعتمدون عليها.

نقطة الإتفاق النسبى الثانية مع الكاتب هى أنه تم التركيز طويلا وبأكثر من اللازم على قضية مقتل "خالد سعيد"، ولكنهم إستطاعوا بحركتهم أن يجبروا النظام على عدم إغلاق ملف القضية، وإستطاعوا ان يظهروا السلطة متلبسة بالتواطؤ مع الجناة، والتستر عليهم، ولكن فى تقديرى أن هذه القضية قد أحسن إستغلالها ، والتحريض حولها وحشد القوى السياسية والجماهير الشعبية لتبنيها، وأنهم ربطوا بشكل سياسى ممنهج بين هذه القضية ومجمل قضايا التعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان فى مصر.

ونظرة سريعة على ميلاد وتطور هذه الحركة يبّين لنا أنها ولدت فى خضم الحركة الجماهيرية، وذلك بإطلالتها الأولى فى 6 ابريل 2008من خلال دعوتها للإضراب إحتجاجا على الظروف المعيشية، ونجاحها الكبير فى ذلك اليوم الذى شهد إنتفاضة عمال المحلة وسقوط ثلاثة صرعى برصاص الأمن، وإستمرت الحركة فى التبنى النشط لقضايا العمال ووقفاتهم الإحتجاجية وأهمها ما حدث فى مظاهرة الأجور فى 3 مايو 2010، وفى جميع النضالات التى تلتها.

عموما ليس هذا مجال سرد مختلف النضالات اليومية لهذه الحركة وبقية الحركات التى ولدت فى الشارع وعلى صفحات المدونين ونشطاء الفيس بوك وتويتر.

على أنه قدإستوقفنى فى هذا المقال عدد من النقاط التى أجد أن الكاتب ذكرها بدون تدقيق أو إقتراب حقيقى مما يدور الآن فى مصر، وسأحاول أن الخص هذه النقاط فيما يلى:

1- يقول الكاتب فى إحدى الفقرات " المحاولة المستميتة للحركة أن تتجنب المواجهة مع النظام "ثورة الصمت" كما لو أن هذا ممكنا و كما لو أن هذا نظام آخر غير نظام الشرطة نفسها التي قتلت خالد و غيره. و يتجلى في الأساليب التي تبتعد عن قصد أوسع فئات الشعب. فالحركة علي الكورنيش و في ميدان التحرير بالملابس السوداء. بعيدا عن العشش و العشوائيات و كرموز و الخ."

وما قد غاب عن نظر الكاتب هو أن هذه الحركات هى الأجرأ على الإطلاق منذ 1946 فى الإشتبك والتصدى لأجهزة القمع ( الأمن المركزى والمباحث والمخبرين والضباط..الخ)، والفيديوهات والكليبات التى تملأ الإنترنت شاهد على ذلك، وما تنويع صور الإحتجاجات من وقفات صامتة ومظاهرات ومؤتمرات فى الشارع ( أمام مسجد سيدى جابر وجامع إبراهيم بالأسكندرية)، الا تكتيك مبتكر فى مواجهة أجهزة القمع.

2- يقول الكاتب فى مكان آخر(الأساسي في نظري هو أنها حركة بلا رأس لا تري كيف يمكنها أن تحقق أهدافها. بمعني أخر حركة ساذجة سياسيا و متخلفة تنظيميا و أبعد ما تكون عن النضج فكريا. نعم هي أنعكاس لحال الطبقة الوسطي. وهي في ذلك تذكرة و أستمرار لحركة 6 أبريل).

هذا الأسلوب الإستعلائى لا يعلم أحدا (إن كان يقصد التعليم)، والأحكام المتعجلة الفوقية لتحديد طبيعة الطبقة المكونة للحركة وكأنه إكتشاف فريد دون تفصيل لطبيعة هذه الطبقة التى إختارها، ولماذا هى هذه الطبقة بالذات، وليدخل من يشاء فى معارك فرعية، من نوع هل هى برجوازية صغيرة أم طبقة وسطى، ولا نعلم هل هى إهانة أنهم منحدرون من الطبقة الوسطى.

3- فى موقع آخر يقول (فلا يمكن إنقاذ هذه الحركة من نفسها دون أن يشكل شباب اليسار كتلة مستقلة داخلها تعلن موقفا شعبيا من قضايا التعذيب و تسعي إلي أقناع الآخرين به و إلي العمل من حوله بأساليب تتناسب معه).

دعنا لا نختلف كثيرا حول هذا الحل الأبوى، ولكن السؤال أين هو هذا اليسار؟، كما تعلم فإنه للأسف فإن اليسار التقليدى قد انفض منذ زمن طويل، المرة الأولى حل تنظيماته اختياريا على أرضية المجموعة الإشتراكية فى السلطة، و المرة الثانية تحللت تنظيماته وتبخرت هباءا، وانتقلت كوادره الى الأحزاب الليبرالية وجمعيات حقوق الإنسان وأكثرهم آثروا السلامة والتفتوا الى حياتهم الشخصية وتربية الأولاد، وفى الحقيقة إن الذى يمكن تسميته باليسار النضالى هم مجموعة من الشباب فى بعض التنظيمات الذين يحاولون الوجود فى الشارع والمشاركة مع شباب 6 ابريل وبقايا كفاية والجمعية الوطنية للتغييروالإشتراكيين الثوريين، وأيضا يشارك معهم بعض القوميين والليبراليين من شباب الكرامة والغد. أعتقد ان اليسار الذى تقصده أفضل لهم ألف مرة أن يظل بعيدا عن هذه الحركات حتى لا ينقل لها أمراضه التكتلية والإنقسامية وممارساته الإنتهازية، وتحليلاته الخاطئة، إن الذى يريد أن يناضل فلينزل الى الميدان بدون تصور مسبق أنه جاء ليمسك عصا المارشالية ويمتطى ظهور هؤلاء الشباب الغض.

4- فى فقرة أخرى من مقاله فإنه يذكر(أن الحركة المناهضة للتعذيب لا يجب أن تقتصر علي كونها حركة مطلبية بل أن تكون حركة فعل من الناس. فعل من نوع مراقبة الشرطة و تصويرهاتصور مثلا لو أن قضية خالد سعيد كانت قد صورت- و تشكيل مجموعات من المحامين للدفاع عن حقوق عامة الناسبما في ذلك مرتكبي الجرائم فهم بشر لهم حقوق - في مواجهه التعذيب و سؤ أستخدام الشرطة لسلطتها. فضح القائمين علي التعذيب حيثما هم و كشفهم للرأي العام. الفعل الشعبي المباشر هو الأداة الأكثر فاعلية للوصول للمطالب)

إن ما تقترحه يا سيدى يقوم به هؤلاء الشباب بشكل أفضل بكثير مما تقدمه لهم، ولو كلفت نفسك عناء إلقاء نظرة على موقع "اليوتيوب" لوجدت عشرات ومئات المقاطع التى تصور التعذيب فى الأقسام والشوارع، ناهيك عن المظاهرات والوقفات، لقد كان هذا الإسلوب إختراعا حصريا لهم ، وللعلم فإن خطتهم فى حال القبض على أى ناشط محددة كما جاء فى احدى وثائقهم على النحو التالى:

(عند حدوث اعتقال لاحد اعضاء المجموعة : تقوم لجنة الطوارىء بوضع 4 محاور للتحرك وفقا للترتيب التالى
-1
الدعم القانونى .. بتفويض محامى يتابع سير القضية و المعتقل و يمده بالنصائح و يقوم بكافة الشغل القانونى وينسق مع المراكز القانونية الداعمة
-2
الاعاشة .. و هى كل ما يحتاجه المعتقل من ادوات معيشية .. تموينية .. كسائية .. طبية .. و كتب و مذكرات .. و هى تكون بالتنسيق مع المحامى المتابع للقضية .. و يجب ضمان استمرارها و التأكد من وصول تلك المواد
-3
الضغط الاعلامى .. وهى بنشر قضية المعتقل عند وسائل الاعلام و الصحف و شرح مبررات الاعتقال مع اخفاء الامور التنظيمية التى لا يجوز ذكرها
-4
الضغط الاحتجاجى .. و هى بتنظيم الوقفات الاحتجاجات و الوقفات وممارسة وسائل الضغط على الخصم واحراجه و دفعه الى تسريع اجراءات الافراج عن المعتقل)

ختاما فإننى أوجه التحية للزميل كاتب المقال، فقد لعب دورا هاما فى اطار الحركة الطلابية فى سبعينيات القرن الماضى، ودفع ثمنا غاليا من عمره بالسجون والمعتقلات، ومشاركته بهذا المقال يعد اضافة قيمة، فله منى كل التحية

الاستغلال ..بين المفهوم الديني والنظرية الماركسية

المقصود هنا استغلال الإنسان للإنسان، وتحديدا الاستغلال الإقتصادى، وجوهر هذا الإستغلال الإقتصادى فى الإسلام هو "الربا" بينما جوهره فى الفكر الماركسى هو استغلال رب العمل للعامل من خلال حرمانه من "فائض القيمة"، والربا كما بينه الإسلام هو مفهوم شائع للعامة سمعوا عنه جميعا ويعلم معناه أغلبهم، بينما فائض القيمة هى كلمة غير شائعة وغير مفهومة الا للمتخصص.

والربا فى اللغة معناه الزيادة وهو أن يعطى الرجل مالا أو متاعا لأجل محدد ثم يسترده زيادة عما أعطى، وقد حرمه اليهود فيما بينهم وسمحوا بالتعامل به مع الأغيار، أى غير اليهود، ولم تحدد المسيحية موقفا صريحا منه ما عدا ما جاء على لسان السيد المسيح فى "موعظة الجبل" ( من طلب منك ثوبا إعطه ثوبان)، أما الدين الإسلامى فهو قاطع الدلالة فى تحريم الربا شرعا كما ورد فى القرآن الكريم.

وقد عرف الناس الربا منذ عهود سحيقة، بعد انتهاء المرحلة المشاعية ونشوء الملكية الفردية والأسرة، حيث فاضت الثروات عند البعض وشحت لدى آخرين، فاضطروا للاقتراض من الغير للحاجة، بشكل ربوى أى أن يسددوا ديونهم أكثر مما أخذوها، وجاء دور الدولة لحماية أموال المرابين وضمان عودتها وفوائدها إليهم، وسنت القوانين لحفظ هذه الحقوق، وتذكرنا رواية "شكسبير" الشهيرة "تاجر البندقية" بصفات المرابي اليهودي "شيلوك" الذى كاد أن يقتطع رطل اللحم سدادا لدينه.

وظل العمل بالربا بشكل بسيط وبدائي حتى ظهور النقود كحاضنة للتبادل، وقدوم عصر الكشوفات الجغرافية العظمى، وانتقال المجتمع تدريجيا الى عهد الثورة الصناعية، مما أدى الى توسع الأعمال التجارية عبر العالم، والى الاحتياج لتمويلات ضخمة للصفقات التجارية، والى أماكن لحفظ الفوائض المالية الكبيرة، وقد أدى ذلك الى نشأة البنوك لتحل محل المرابى الفرد ومحلات الرهونات بشكلها البسيط، وتحول نشا ط هذه البنوك الى نشاط مؤسسى يقوم على حفظ المدخرات والودائع مقابل فوائد بنكية صغيرة وإقراض المحتاجين لهذه الأموال مقابل فائدة أكبر ويتم تحقيق الأرباح من الفرق بين هاتين الفائدتين.

والذين يرفضون الربا لأسباب دينية لا يقفون عند فعل الربا كعمل لا إنسانى ولا أخلاقى، وهوأن يحصل شخص على ربح أو فائدة لم يبذل فيها جهدا، مستغلا حاجة الآخرين ( وأغلبهم فقراء) لكى ينمى ماله بالظلم واللصوصية، ولكنهم فى الأغلب الأعم يقفون من رفض الربا كنص دينى وواجب شرعى وطاعة لله تعالى، ويتشددون فى رفضهم، دون إعمال العقل عن أسباب هذا التحريم، تماما كالموقف من تحريم الخمر كنص شرعى وعدم النص على تحريم المخدرات، بالرغم من طبيعة عمل المخدر فى الحالين, يمسكون بالنص بشكل حرفى ويسقطون المعنى، ويتحرون الدقة فى الموضوع وعدم الخروج عليه، يؤكده لهم المشايخ والفقهاء ودائما فى معظم البرامج الدينية يكون موضوع الربا أحد المواد الأساسية للأسئلة، وخاصة موضوع فوائد البنوك.

ليس هنا مجال مناقشة آراء بعض المستشرقين الذين قالوا أن الربا فرض فى الإسلام فى خضم صراع الرسول مع يهود الجزيرة بقصد إضعافهم إقتصاديا حيث كانوا هم من يملكون الأموال التى يمولون بها تجار قريش فى رحلاتهم التجارية محققين أرباحا طائلة من وراء التعامل بالربا.

ويعلل المرابين عملهم بالربا أن هذه أموالهم وأنهم يخاطرون بإقراضها وقد لا ترجع لهم أو جزء منها، وأن الفائدة التى يتحصلون عليها نتيجة إمساك هذا المال وعدم استثماره والربا مثل ريع العقارأو الإيجار، فهو مقابل لإيجار أموالهم، بالإضافة الى أن قيمة النقود تتناقص نتيجة التضخم والفائدة التى يتحصلون عليها لتغطية هذا النقص، وغير ذلك من الحجج والمبررات، ولكن كل ذلك لا ينفى أن هذه الأموال ربت دون بذل مجهود حقيقى، وأن فى ذلك استغلالا لحاجة المحتاجين.

على أن فائض القيمة تعبير حديث ارتبط بالثورة الصناعية وصعود الرأسمالية والإستغلال الطبقى، الذى فك رموزه وإكتشف آلياته "كارل ماركس" فى كتابه ( الأجور والأسعار والأرباح)، ثم فصلها بعد ذلك فى كتابه الأشهر ( رأس المال)، بعد أن شرح معنى السلعة كمنتج بشرى والقيمة الإستعمالية والتبادلية للسلع، وان قيمة السلعة تكمن فى كمية العمل المبذول فيها، والتى تعطيها قيمتها التبادلية مع باقى السلع، فإذا تمت مبادلة أردب من القمح بكمية من الحديد فمن المفترض ان قيمة الحديد او أردب القمح مقدرة افتراضيا بالجهد البشرى الذى بذل فى انتاجها كل منهما على حدة.

ان لكل سلعة قيمتان قيمة استعمالية وقيمة تبادلية وهما ليستا بالضرورة متماثلتين، فقد تكون القيمة الاستعمالية للسلعة عالية جدا ولكن العمل المبذول فى انتاجها صغيرا أو معدوم، ومن هنا فقيمتها لا تعكس فائدتها كالماء والهواء مثلا، فالهواء الذى لا غنى عنه للحياة نستنشقه مجانا ولكن اذا ما تم تصنيعه وتعبئته فى اسطوانات تصبح له قيمة تبادلية أى سعر، وكذلك الماء، ويوجد إستثناء فى بعض السلع النادرة أو المحتكرة كالبترول مثلا، فهو لآلاف السنين لم تكن له قيمة وهو فى باطن الأرض، وبعد تدخل الغرب لإستخراجه وتفكيكه الى عناصر مختلفة أصبح له قيمة عالية، يتم خصمها من المستهلكين له على شكل فائض القيمة، يدفع جزء منه لأصحاب الأرض المكتشف عليها.

وجوهر فائض القيمة كما عرّفه ماركس يكمن فى ان العمل هو الذى يعطى للسلعة قيمتها وان صاحب المصنع يعطى للعامل الذى ينتج هذه السلع جزءا من القيمة ويقتطع لنفسه ( كالمرابى) جزءا آخر يسمى "فائض القيمة"، أو ( ذلك الجزء من القيمة الإجمالية للبضاعة التى يتجسد فيها العمل الزائد أو غير المدفوع الثمن).

وكما حاول المرابين تبرير الربا فقد جادل انصار الإستغلال الرأسمالى أيضا لتبرير إستغلالهم بالقول ان صاحب العمل يقوم بالمخاطرة بماله، وان ما يحدد قيمة السلعة هو العرض والطلب، كما أن الرأسمالى يتميز عن العامل بالقدرة على التخطيط والإدارة والتنظيم، ولكن هذه الإنتقادات فى جوهرها تحاول تبرير الإستغلال أكثر مما تعمل على النقد الموضوعى، وتحاول الدوران حول فكرة ان أجر العامل يمثل جزءا من قيمة انتاجه، وان الجزء الأكبر يعود لمصلحة الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج، وتلك قصة أخرى قد نعود لنفصلها فى مقال آخر.

وبالرغم من أن جوهر الإستغلال واحد فى موضوع الربا وفائض القيمة، الا أن الفرق هو أن أصحاب المفهوم الدينى لا يجدون غضاضة فى إستغلال العمال، ويكثر حديثهم حول إعطاء العامل أجره دون التطرق عن قيمة هذا الأجر وعدالته، بل أنهم يقومون بأبشع أنواع الإستغلال لهؤلاء العمال طالما أنهم من الوجهة الشرعية يطهرون أموالهم بدفع الزكاة عنها، لذ فهم يمارسون إستغلالهم باستخدام آليات السوق الرأسمالى رافعين شعارات دينية مثل ( هذا من فضل ربى).

بعد أن شرح "ماركس" قانون "فائض القيمة" فإنه شرع فى وضع برنامجا للعمل، وهو ضرورة أن ينشأ العمال تنظيماتهم المستقلة للدفاع عن حقوقهم المستلبة، وذلك من خلال وحدتهم على المستوى القطرى والأممى ورفع شعار"ياعمال العالم إتحدوا" الذى أضاف له لينين فيما بعد "ويا شعوبه المضطهدة" بعد شرحه كيف انتقلت الرأسمالية الى أعلى مراحلها "الإمبريالية" وتقسيم العالم الى مستعمرات ومناطق نفوذ، وكما أسس "كارل ماركس" الأممية الأولى تعبيرا عن وحدة الأحزاب الثورية فى العالم، أسس "لينين" الأممية الثالثة.

إن الإنتفاضات العمالية، والمظاهرات والوقفات الإحتجاجية للعمال فى كل المواقع ما هى الا تعبير صريح عن صورة من صور نضال الطبقة العاملة من أجل أجر أكثر عدالة وذلك لإسترداد جزء من القيمة المسلوبة منهم، ورعب الطبقة الحاكمة فى مصر هو حين يفهم هؤلاء العمال قوانين إستغلالهم ويقومون بثورة ليس من أجل مطالب جزئية ولكن لدحر الرأسمالية وقلب هذا النظام الفاسد الذى يسيطر عليه رجال الأعمال، وإستبداله بنظام أكثر عدالة وديموقراطية.