Wednesday, May 12, 2010

تطور الحركة النيابية والحزبية فى مصر من عصرمحمد على الى ثورة 1952



عندما إعتلى محمد على العرش فى مصر فى 17 مايو 1805 كانت البلاد فى أسوأ ظروفها، حالة من الفوضى العامة والضرائب الباهظة، والصراع بين المماليك الذى يحمل نتائجه الشعب، وكان محمد على قد قدم الى مصر على رأس كتيبة البانية أرسلها الباب العالى ضمن جيش عثمانى لتخليص مصر من الإحتلال الفرنسى، ولكنه بطموحه الشديد ودهائه وحنكته إستطاع من خلال تحالفه مع قادة الشعب من مشايخ الأزهر من إقصاء خورشيد باشا المعين واليا على مصر من قبل السلطان العثمانى وأن يتولى الحكم بإرادة شعبية، ولكنه سرعان ما إستدار على المشايخ وقام بنفى الشيخ عمر مكرم وقضى على المماليك فى مذبحة القلعة الشهيرة مما أتاح له الإنفراد بالحكم.

بدأ محمد على فى تكوين جيش نظامى على أسس عصرية من المصريين بقيادة سليمان باشا الفرنساوى، واستعان بالعلماء والمهندسين الأوروبيين فى مشروعاته الإقتصادية والعلمية، واهتم بالتعليم العصرى فأرسل البعثات التعليمية الى ايطاليا وفرنسا، وأنشأ شبكة رى حديثة وترسانة لصنع سفن السطول وقام بتحديث الزراعة وبنى المصانع وعمل على إنشاء تعليم متطور فانشا العديد من المدارس التقنية المتطورة مثل المدفعية والفرسان والطوبجية والولادة والطب والزراعة والألسن وعشرات غيرها.

ويمكن تقسيم الفترة من حكم محمد على الى قيام ثورة 1952 الى مرحلتين تحمل كل منهما ملامح خاصة:

المرحلة الأولى : من عصر محمد على حتى ثورة 1919

كان لحركة التحديث والإنفتاح على الغرب التى بدأها محمد على مردودا على الواقع الثقافى والإجتماعى فى مصر، اذ حدث نوع من الحراك الثقافى خصوصا بعد عودة رفاعة الطهطاوى من فرنسا محملا بأفكاره الجديدة ومترجما للكثير من الكتب الفرنسية على رأسها الدستور الفرنسى وكتاب " روح القوانين" لمونتسكيو، مما حدا بمحمد على الى طرح وتنفيذ اقامة اول مجلس برلمانى فى الشرق.

المجلس العالى:

أنشأه محمد على فى عام 1824 وأعضاؤه هم نظار الدوواوين ورؤساء المصالح بالإضافة الى 2 من علماء الأزهر يختارهم شيخ الأزهر و2 من التجار يختارهم شيخ الطائفة (الشهبندر) و2 من ذوى المعرفة بالحسابات بالإضافة الى 2 من الأعيان من كل مديرية يتم انتخابهم من الأهالى على ان يقوم بالتصويت شخص نيابة عن 100 من الأهالى، وكان هذا المجلس يتكون فى بداية تشكيله من 24 عضوا تم مضاعفته فى الدورات التالية بإضافة 24 شيخا وعالما اليه، وتم وضع لائحة داخلية تنظم عمل المجلس ودورات انعقاده وصلاحياته، والذى يعطى هذا المجلس تسمية المجلس النيابى خاصتين:

1- بعض أعضاء هذا المجلس يتم انتخابهم .

2- تمثيل الفئات المختلفة فيه.

مجلس المشورة:

ويعتبر تطويرا للمجلس العالى وتم إنشائه فى 1829بعد عودة رفاعة الطهطاوى من فرنسا، ويتكون من 156 عضوا منهم 33 من كبار الموظفين والعلماء ومامورى الأقاليم وعددهم 34 بالإضافة الى 99 من الأعيان يتم انتخابهم، وعين محمد على ابنه إبراهيم باشا لرئاسته وكان لهذا المجلس صلاحية مناقشة التعليم والإدارة والأشغال العمومية وصدرت لائحته الداخلية فى 1830.

وبعد عقد اتفاقية لندن 1840 وإجبار محمد على على الإنسحاب من كافة المناطق التى كان قد تمدد اليها والإكتفاء بمصر والسودان كحكم وراثى له ولأبنائه، وبوفاته فى 1849 بدأت مرحلة من الإنحدار فى جميع أوجه الحياة بما فى ذلك النظام النيابى فى عهود عباس وسعيد التى استمرت حتى عام 1863 حينما ارتقى العرش الخديوى إسماعيل أحدث تغييرات عميقة فى الحياة المصرية كان أهمها النهضة العمرانية غير المسبوقة وإفتتاح قناة السويس وتفاقم الدين الخارجى لدرجة فرض الوصاية على مصر ولكنه فى نفس الوقت كان مغرما بالحياة الأوروبية مما دفعه لمحاولة الحاق مصر بأوروبا وتطويرها على النسق الأوروبى بما فى ذلك الحياة البرلمانية.

نستطيع أن نقول ان البداية الحقيقية للبرلمان المصرى كانت فى العام 1866 حيث تشكل اول مجلس نيابى حقيقى فى مصر هو "مجلس شورى النواب":

مجلس شورى النواب:

يذكر بعض المؤرخين أن تشكيل الخديوى إسماعيل للمجلس النيابى وإعطاؤه صلاحيات حقيقية قد جاء لمقابلة الضغط الذى مارسته عليه الدول الدائنة فى محاولة منه لعدم الإستجابة لهذه الضغوط من خلال مساندة البرلمان له ورفضه للإملاءات الخارجية، ولكننى أعتقد أن السبب الأصيل لدى الرجل هو محاولة حقيقية فى إطار الأعمال التى قام بها من نشر التعليم وقد افتتح في عهده حوالى خمسة الآف مدرسة منها مدارس للبنات واذدهرت الصحافة وافتتح دار الكتب والأوبرا والمتحف المصرى وغيرها، وأيضا بداية النظام الحزبى كانت فى عهده.

ويعتبر مجلس شورى النواب أول مجلس برلمانى يمتلك اختصاصات نيابية وليس مجرد مجلس استشارى ويتم اختيار اعضاؤه بالإنتخاب المباشر والحر بين المتنافسين، واحتوت لائحته الداخلية على نظام الإنتخابات وصلاحية الأعضاء وفترات الإنعقاد وسلطات المجلس، ويتكون المجلس من 75 عضوا منتخبا من كافة مديريات القطر ومدته ثلاث سنوات فقط ينعقد لمدة شهرين كل سنة ويعين رئيسه من قبل الخديوى، واكتسب المجلس صلاحيات جديدة مع تشكيل اول مجلس وزراء (نظار) عام 1878 وخاصة مع تعدد الصحف و انتشارافكار التنوير، وفى يونيو عام 1879 تم وضع لائحة جديدة اقرت العدد الإجمالى للأعضاء 120 عضوا وتقرير المسئولية الوزارية امام المجلس، وبالرغم من رفض الخديوى توفيق لائحة المجلس فقد استمر المجلس فى الإنعقاد حتى نهاية دورته النيابية ، وقد تمت تنحية الخديوى اسماعيل بضغط بريطانى على السلطان العثمانى الذى اصدر فرمانا باقالته فى 26 يونيو 1879 بعد شهرين فقط من عقد آخر مجلس نيابى، وتم تعيين توفيق خديوى على مصر.

بمجيئ توفيق الى الحكم واستمرار حالة الغليان الشعبى ضد التدخل الأجنبى وبسبب موالاته للأجانب وصعود نجم أحمد عرابى كقائد عسكرى وجماهيرى، ضعف بشدة التمثيل النيابى ودور المجلس، ولكن الثورة العرابية والتى كان أحد مطالبها الرئيسية اعادة تشكيل المجلس النيابى وبالفعل تم انتخاب المجلس بنفس لائحة 1866 فى انتظار ان يقر المجلس المجلس الجديد لائحة جديدة، وإفتتح المجلس بمسمى مجلس النواب المصرى فى 26 ديسمبر 1881وقدم مشروع المجلس الأساسى وتم اقراره فى 7 فبراير 1882 وتضمن القانون ان تكون الحكومة مسؤولة امام المجلس، وأن المجلس وحده له سلطة التشريع وحق استجواب الوزراء وان تكون مدته 5 سنوات، وهكذا أثمر كفاح الشعب المصرى عن انتزاع مجلس كامل الصلاحية يعبر عن طموحه وآماله، ولكن كما نعلم فقد تسارعت الأحداث وهزمت الثورة العرابية وتم الإحتلال الإنجليزى لمصر فى سبتمبر 1882، وأصدرت ادارة الاحتلال قرارا بتعطيل الحياة النيابية.

أصدر الإحتلال الإنجليزى فى 1883 بعد أن إستقرله المقام فى مصر وانتهى من محاكمة زعماء الثورة قانونا يسمى القانون النظامى تم بموجبه تشكيل مجلس شورى القوانين من 30 عضوا 14 منهم بالتعيين احدهم رئيس المجلس وأحد الوكيلين بالإضافة الى تشكيل ما يسمى بالجمعية العمومية وتتكون من أعضاء المجلس النيابى بالإضافة الى 7 وزراء والباقين يتم انتخابهم ويرأس الجمعية رئيس مجلس شورى القوانين، واستمر هذا الوضع حتى عام 1913.

مع تنامى الحركة الوطنية وحركة التنوير فى بدايات القرن العشرين، وإفتتاح الجامعة المصرية، وصدور عدد غير محدود من الجرائد والمجلات، ويذكر هنا انه تأسس فى مصر أكثر من 500 مجلة وجريدة بين أعوام 1895 و1900 وحدها، وقد أدى هذا الزخم الثقافى الى اشتداد الحركات الشعبية مما ادى الى ان تقوم سلطات الإحتلال بإلغاء مجلس شورى القوانين وتعيد تكوين الجمعية التشريعية من 83 عضوا منهم 66 منتخبين مباشرة و17 عضوا بالتعيين، على أن تكون مدته 6 سنوات، ولكن سرعان ما إندلعت الحرب العالمية الأولى فى نهاية عام 1914وتعلن الحكومة البريطانية الحماية على مصر ويتم تعطيل الحياة النيابية، ليستمر هذا الحال حتى قيام ثورة 1919 وصدور دستور 1923.

أحزاب ما قبل ثورة عام 1919

الحزب الوطنى القديم ( حزب العرابيين)

نشأ الحزب الوطنى بقيادة أحمد عرابى عام 1879، ويعتبر هذا الحزب أول تشكيل سياسى وطنى اتخذ شكل العمل الجبهوى أكثر من التنظيم الحزبى، وكان له شق عسكرى بقيادة أحمد عرابى وشق مدنى بقيادة محمد حليم باشا، وشارك فيه جموع المصريين ووقع وثيقة اعلانه شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود، ولعب فيه المثقفون بقيادة عبد الله النديم دورا رئيسيا، لكن هذا الحزب انتهى بهزيمة العرابيين، وعندما شكل مصطفى كامل الحزب الوطنى فقد كان مختلفا عن سابقه ولم يكن إمتدادا له.

حزب الأمة

حزب سياسي تأسس في مصر عام 1907م، العام الذى شهد انشاء عديد من الأحزاب ويسميه المؤرخون "عام الأحزاب"। وكان أعضاؤه من الطبقة الارستقراطية المحافظة وكبار ملاّك الأراضي، وكان رئيسه حسن عبدالرازق، أما الرأس المفكر فهو احمد لطفى السيد الذي رأس تحرير جريدتة. ولما لم يجد الحزب تعضيدًا من المندوب السامي البريطاني، أخذ ينادي بالاستقلال التام. ولم يتطورالحزب مع الأحداث الوطنية، ولذلك لم تقم له قائمة، وأصبح أحمد لطفي السيِّد أحد بناة حزب الوفد ثم انشق عليه وانضم للأحرار الدستوريين.

حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية

حزب نشأ في مصر عام 1906م برئاسة علي يوسف الذي كان يرأس تحرير جريدة المؤيد. وأصبحت هذه الجريدة هي الناطقة باسم الحزب. وكان هذا الحزب يؤيد التعاون مع الإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر. ونادى الحزب بزيادة فرص التعليم للمصريين وإنهاء عمل المحاكم المختلطة التي كان يُحاكم فيها الأجانب، وطالب بإنهاء الامتيازات الأجنبية التي كان يتمتع بها مواطنو الدول الأجنبية في مصر.

الحزب الوطني

أسسه مصطفى كامل في مصر عام 1907م. كان من أهم أهداف الحزب استقلال مصر والرجوع إلى معاهدة لندن سنة 1840م؛ والتى نصت على الحكم الذاتي في مصر تحت السيادة العثمانية، ووضع دستور يكفل الرقابة البرلمانية على الحكومة.

توفي مصطفى كامل عام 1908م وخلفه محمد فريد الذي اهتم بالتطور الاجتماعي والتعليمي وتنظيم المظاهرات ضد قوات الاحتلال البريطانية، وضيَّق الإنجليز الخناق على محمد فريد فهاجر من مصر عام 1912م.

كان من أهم مبادئ الحزب الوطني أن ¸لا مفاوضات إلا بعد الجلاء، كما كان الحزب يرفض الاشتراك في أية وزارة وطنية ما دام المستعمر البريطاني موجودًا في البلاد.

المرحلة الثانية : من ثورة 1919 وحتى 1952

وتعد هذه المرحلة الأقرب لتطبيق معايير الديموقراطية الحديثة وقيام الحياة النيابية الحقيقية رغم ما اعتراها من نكسات وتراجعات، ويكفى أن نذكر هنا أن حزب الأغلبية التقليدية "الوفد" لم يتمكن من الحكم طوال هذا التاريخ الا 7.5 سنوات منها حوالى 5 سنوات برغبة بريطانية، مرّة فى سنة 1936 لعقد معاهدة 36 ومرّة أخرى بعد حادث فبراير 42 الشهير.

إرتبط نضال الشعب المصرى منذ منتصف القرن التاسع عشرين بهدفين رئيسيين هما الجلاء والدستور، وتجلى ذلك بأبرز معانيه فى ثورة 1919 والتى شملت جميع فئات الشعب المصرى من طلاب وعمال وفلاحين ونساء ولم تستثنى كبار الملاك أو صغارهم أو الأجراء وعمت جميع المثقفين بمختلف إتجاهاتهم وميولهم من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، وأثمر هذا النضال فى صدور تصريح 28 فبراير عام 1922 والذى اعترفت انجلترا بموجبه بمصر دولة مستقلة ذات سيادة مع وجود التحفظات الأربعة وإنهاء الحماية البريطانية على مصر، وتشكيل لجنة تضم ثلاثين عضوا يمثلون الأحزاب السياسية والقيادات الشعبية ورموز الحركة الوطنية لوضع الدستور.

يعد دستور 1923 نقلة نوعية فى تكريس الحياة البرلمانية السليمة على الأسس الحديثة فقد أقر بوجود مجلسين نيابيين والفصل بين السلطات كما نص على انتخاب جميع اعضاء مجلس النواب انتخابا حرا مباشرا من جمهور الناخبين وكذلك ثلاثة اخماس مجلس الشيوخ، ونص بشكل صريح على مسئولية الحكومة أمام مجلس النواب وسلطته فى سحب الثقة منها، ورغم أنه أعطى الملك حق حل البرلمان الا انه حدد مهلة 60 يوما لإجراء الإنتخابات والا عاد المجلس القديم لممارسة كامل صلاحياته.

الأحزاب والحياة النيابية:

لعبت الأحزاب دورا أساسيا فى انعاش الحالة البرلمانية، فقد رفعت جميعها تقريبا شعار الديموقراطية والدستور متوازيا مع الدعوة لجلاء المستعمر،

حزب الوفد ( حزب ثورة 1919):

تم تشكيل حزب الوفد فى أتون الحركة الوطنية وصراعها من أجل الإستقلال، حيث انبثق من التوكيلات التى جمعت من عموم الامة لتفويض وفدا يتحدث بإسمها فى مؤتمر الصلح فى باريس 1919 مطالبا بالإستقلال، وقد اشتعلت الثورة اثر قيام سلطات الإحتلال بالقبض على سعد زغلول ورفاقه ونفيهم الى جزيرة مالطة، لتعم الثورة كل انحاء البلاد ويشارك فيها جميع المصريين مما أرغم سلطات الإحتلال على الإفراج عن سعد ورفاقه والسماح لهم بالسفر الى باريس لعرض مطالبهم فى مؤتمر الصلح، ورغم احباط المؤتمر للوفد المصرى وقبوله بفرض الحماية على مصر الا أن الثورة استمرت بالإشتعال ليضطر الإنجليز لمفاوضة الوفد واعلان تصريح 28 فبراير 1922 وانهاء الحماية على مصر واعلانها دولة مستقلة ذات سيادة مع تحفظات اربع، ولكن كان نجاح الثورة يتمثل فى وحدة الشعب المصرى مسلميه ومسيحيه خلف القيادة الوطنية للوفد ومشاركة المرأة بفاعلية فى الثورة وحركة المجتمع.

بإعلان دستور 1923 والنص على الفصل بين السلطات واطلاق حرية تكوين الأحزاب وحرية الصحافة، وتم إجراء الإنتخابات البرلمانية الأولى فى ظل الدستور عام 1924 ليفوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة "90%" ويشكل أول حكومة بعد الثورة برئاسة سعد زغلول.

حزب الأحرار الدستوريين:

نشأ كإنشقاق على حزب الوفد وكان يمثل الى درجة كبيرة كبار ملاكى الأراضى فى مصر، وتكون برئاسة "عدلى يكن" وكان مناوئا لحزب الوفد، ويعتبر هذا الحزب هو الواضع لنصوص دستور 1923، وكان أقرب للملك فى معظم الأوقات، وكان من بين قياداته صفوة من المثقفين منهم "محمد حسين هيكل" مؤلف رواية زينب.

الحزب السعدى:

عبارة عن إنشقاق فى قيادة الوفد إثر خلاف بين سكرتيره مكرم عبيد من جهه و أحمد ماهر والنقراشى من جهه أخرى، ولما قرر النحاس زعيم الحزب فصل الأخيرين قررا إنشاء هذا الحزب، وبإغتيال احمد ماهر فى 1945 خلفه على رئاسة الحزب محمود فهمى النقراشى الذى ما لبث أن إغتالته حركة الإخوان المسلمين ليخلفه ابراهيم عبدالهادى.

حزب الكتلة الوفدية:

إنشقاق آخر عن حزب الوفد بعد خلاف محتدم بين مكرم عبيد سكرتير الوفد وبين النحاس زعيم الحزب عام 1943 والذى انتهى بفصل مكرم عبيد من الوفد وتأسيسه حزب الكتلة الذى تحالف مع احزاب الأقلية فى مواجهة الوفد.

الأحزاب الملكية:

وهى أحزاب نشأت بإيعاز من القصر او عملت تحت وصاية الملك المباشرة:

1- حزب الشعب : من الأحزاب الموالية للقصر، أنشأه الإقتصادى الكبير "إسماعيل باشا صدقى"، وكان منحازا للإنجليز والقصر، فحكومة صدقى باشا عملت على إلغاء دستور سنة 1923م ليحل محله دستور جديد يعطى الملك سلطات طاغية, ويعدل فى نظام الإنتخابات لكى يحصل حزب صدقى باشا الجديد حزب الشعب على الأغلبية البرلمانية. وكان من رأى صدقى باشا أن الإنتخابات ليست حقا من حقوق المواطن, وإنما تكليفا له. هذا التكليف, لا يجب أن يمنح الا لمن يستحقه ويحسن الإختيار. وغالبية الشعب المصرى لا تستطيع حسن الإختيار طالما هى أمية واقعة تحت تأثير شخصية قوية مثل شخصية سعد زغلول. يعنى تبرير فلسفى للتزوير.
2- حزب الاتحاد: أنشئ في 10 يناير سنة 1925 برئاسة يحيي باشا إبراهيم وكان شعاره الولاء للعرش

حركة الإخوان المسلمين:

فى مدينة الإسماعيلية وفى الثالث والعشرين من مارس 1928م، اجتمع ستة اشخاص من العاملين فى معسكرات الإنجليز بالأستاذ حسن البنا –معلم اللغة العربية والدين فى المدرسة الإلزامية – واعلن السبعة اشخاص انفسهم جماعة الاخوان المسلمين بقيادة الاستاذ حسن البنا الذى اصبح مرشدا للجماعة وكان عمره 22 عاما فقط، ورغم ملابسات النشأة وتبرع هيأة قناة السويس للجماعة بمبلغ 500 جنيه، الا أن مواقف الجماعة عموما كانت معادية للإنجليز، ولكنها فى أحوال كثيرة كانت معادية للقصر والإحتلال، واكتسبت شعبية كبيرة برفع شعار تحرير فلسطين الذى يدغدغ المشاعر المتدينة للجماهير، وانشأ البنا جهاز عسكرى للجماعة اسمه"الجهاز الخاص" ، وبعد انتهاء الحرب وعودة مقاتليها شعرت الجماعة بقوتها فدخلت فى استخدام العنف مع خصومها وقامت باغتيال القاضى الخازندار مما ادى بحكومة النقراشى الى حلها والقبض على قياداتها، وردت الجماعة باغتيال النقراشى، ودخلت فى صراع حاد مع النظام الأمر الذى أدى فى النهاية الى توجيه ضربة للجماعة بإغتيال مؤسسها حسن البنا .

حزب مصر الفتاة:

حزب مصري تأسس عام 1933م واستمر حتى تم حظر نشاطه مع بقية الأحزاب المصرية عام 1953م. بدأ الحزب نشاطه اجتماعيًا بمشروع القرش، وكان احمد حسين وفتحى رضوان ابرز قيادات الحزب، وانشأ فرق القمصان الخضراء أُسوة بأصحاب القمصان الزرقاء الفاشية ولكن الحزب تبنى الإشتراكية بعد الحرب الثانية وغير اسمه الى "الحزب الإشتراكى".

الأحزاب والمنظمات الشيوعية:

· الحزب الشيوعى المصرى 1924

في سنه 1920 شكلت مجموعة من المصريين والأجانب أول حزب اشتراكي في مصر من الموظفين والعمال المصريين وبعض العمال والطلبة المصريين وبعد فترة صغيرة تضاعف عدد الاشتراكيين المصريين المنتمين إليه وفي معمعان الصراع بين اشتراكية محلية وارتباط بالأممية الثالثة، تغير اسمه إلى الحزب الشيوعي المصري في الوقت نفسه الذي غادره عدد من المؤسسين. وقد تعرض الحزب لحملات ملاحقة ومحاولات اختراق أمنية تكاتفت عليه وأدت إلى ضرب هذه التجربة في أقل من عقد زمني.

· المنظمات الشيوعية خلال وبعد الحرب العالمية الثانية

في مطلع 1939 تكون "الاتحاد الديمقراطي" الذي أسسه أعضاء سابقين في "رابطة أنصار السلام" وبعد ذلك بعام تشكلت سرا "منظمة تحرير الشعب" كنواة لإعادة بناء الحزب الشيوعي المصري، وفى ديسمبر 1938أعلنت جماعة "الفن والحرية" عن ميلادها وبدأ التجمع التروتسكي المصري يأخذ شكلا تنظيميا سريا كان تعبيره العلني منبر الخبز والحرية في حين قامت الأسس التنظيمية للحركة المصرية للتحرر الوطني (حمتو). وبذلك أخذ اليسار المصري شكلا تعدديا لمنظمات صغيرة ، وفى عام1946 توحدت معظم هذه الأشكال الجنينية لتشكل منظمة متوسطة الحجم هى"حدتو" (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني)، واستمرت الإنشقاقات والوحدة بين فصائلها حتى قيام الثورة فى عام 1952.

دستور 1930

دستور 1930 جاء ليعزز السلطة التنفيذية في مواجهة البرلمان على عكس دستور 1923, وهكذا أصبح التجاذب بين هذين النمطين من الدساتير واضحاً في التاريخ السياسي المصري حتى اللحظة الحاضرة التي نعيشها اليوم

أصدر الملك فؤاد أمراً ملكياً بإبطال دستور 1923 م وإعلان دستور 1930م الذي أعدته حكومة إسماعيل صدقي باشا وذلك لتقوية سلطات الملك علي حساب سلطة البرلمان، ولكن تحت الضغط الشعبي ألغي الملك دستور 1930 م وأعاد العمل بدستور 1923 م وذلك في 12 مارس 1935م وأبقي واضعو دستور 1930 علي الكثير من مواد دستور 1923م وأضافوا العديد من المواد لزيادة صلاحيات الملك في مواجهة برلمان كان يسيطر عليه حزب الوفد الليبرالي والذي مثل تحدياً كبيرا لسلطة العرش.

خلاصة التجربة الحزبية والبرلمانية قبل 1952:

تميزت هذه التجربة طوال تاريخها بسمات أساسية يمكن تلخيصها فيما يلى:

1- كانت السمة الغالبة هى وجود حزب جماهيرى يمتلك الأغلبية الساحقة (الوفد) ومجموعة من الأحزاب الصغيرة ليس لها برنامج واضح وتعمل فقط على مناوءة هذا الحزب الكبير، بسبب ان معظم هذه الأحزاب كانت فى حقيقتها إنشقاقا عن حزب الوفد لخلافات شخصية.

2- وجود نمط عام للأزمة في هذا النظام طيلة تلك الحقبة يتمثل في وصول الوفد إلى السلطة عقب انتخابات حرة ، تم دخول الوفد في صدام مع القصر أو الإنجليز أو كليهما ، فيقيل الملك الوزارة ويكلف أحزاب الأقلية بتشكيلها ، فتؤجل تلك الأخيرة انعقاد البرلمان ذي الأغلبية الوفدية ، فيحل الملك البرلمان وتجرى انتخابات جديدة تزيف لصالح الأقلية ، فيقوم الوفد بسلسلة من الإضرابات الجماهيرية ، مما يدفع الملك إلى إجراء انتخابات حرة يعود بعدها الوفد إلى الحكم.

3- كان الصراع محتدما طوال الوقت بين ثلاث قوى هي الوفد ممثل القوى الوطنية ، والإنجليز الساعين لتحقيق مصالحهم ، والقصر الغاضب من القيود المفروضة على سلطاته في دستور 1923 .

4- شكل الوفد كيانا كبيرا ضم بين جنباته العديد من القوى ذات الإنتماءات المختلفة، من اقطاعيين وكبار ملاك أراضى الى فقراء ومعدمين وعمال ومثقفين مما ساعد على خلق التكتلات داخله (الطليعة الوفدية) والإنشقاقات الكثيرة عنه.

5- بالرغم من أن حزب الوفد كان يمثل الأغلبية ويناوئ الملك والإنجليز الا أنه كان يميل احيانا الى مهادنة القصر أو الإنجليز أو كليهما، لذلك نجده يهادن الإنجليز ويوقع معاهدة سنة 1936م لكى يتفرغ لمناورات الملك. هذه المعاهدة, بالرغم من أنها قد أعطت مصر إستقلالا أكثر, إلا أنها سمحت بإحتلال الإنجليز لمدن القنال بصفة رسمية لمدة 20 سنة, كما أنها لم تعترف صراحة بوحدة مصر والسودان كما كان يأمل كل المصريين فى ذلك الوقت.

وقد ساعدت غياب العدالة الإجتماعية فى البلد والإنقسام الطبقى الحاد بين مجتمع النصف فى المائة والأغلبية الساحقة وفقدان الأمل فى قيام ديموقراطية سليمة فى ان تصب آمال الجماهير فى طاحونة الإخوان المسلمين كقوة بديلة لهذا النمط من الديموقراطية ذات الطابع الغربى وهو أيضا ما دفع الجماهير اليائسة لتأييد حركة العسكر فى 23 يوليو 1952 ليبدأ عصر جديد مختلف من حل الأحزاب والغاء الدستور بل وصل الأمر لحل النقابات وكل التنظيمات المستقلة للشعب.

No comments:

Post a Comment